القلم الفلسطيني
  • الرئيسية

  • المقالات

  • الأبحاث

  • القصص

  • الأنشطة والفعاليات

  • تواصل معنا

  • الرئيسية

  • المقالات

  • الأبحاث

  • القصص

  • الأنشطة والفعاليات

  • تواصل معنا

حين تٌنبت الزهور من بين الركام…

حين تٌنبت الزهور من بين الركام…
06/06/2025 | 0 تعليقات

قصة: فرح وائل أكرم أبو سيدو

سفيرة الإنجازات، حين غابت كل السفارات.

 

في صباحٍ شتويّ قاتم ، من يوم الإثنين الموافق 22 يناير 2025 ، استفقتُ على صراخٍ ينهش جدران الحي . الناس يركضون ، الأقدام تلهث ، والقلوب ترتجف ، كان الصباح مشوهاً بالخوف ، لا يُشبه صباحات غزة المعتادة … تلك التي اعتادت رغم الحرب أن تُشرق .

المنطقة كلها تمّ إخلاؤها ، إلا نحن !!
كانت الأخبار تقول أن الجيش الإسرائيلي لم يُصدر أمراً بإخلائنا بعد . ظننت لوهلةٍ أننا سننجو ، أن العاصفة قد تمر من حولنا دون أن تقتلعنا ؛ لكن أصوات الجرافات والدبابات الإسرائيلية آخر الشارع كانت تنذر بالكارثة القادمة .

في الساعة التاسعة صباحاً ، خلت الشوارع من البشر ، لم يبقَ سوانا في الحي ، و بينما كنا نحاول اتخاذ قرار الهروب ، جاء خالي من أحد الأزقة الخلفية لبيتنا ، وأخذنا إلى بيتهم الذي يبعد عن منطقتنا شارعين فقط ، بقينا هناك ثلاثة أيام نتحسس كل لحظة ، ننتظر فيها سقوط كل شيء .

ثم جاء أمر الإخلاء الأخير لمنطقتهم بشكل مفاجيء ، لم نكن نعرف إلى أين نذهب .
طريق المواصي مغلق ، طريق رفح مغلق ، والدبابات تحيط بكل وجهة . اضطررنا للهروب إلى مستشفى الأمل في خانيونس ، نركض في شارعٍ تحكمه القناصة ، ونتنفس الخوف مع كل خطوة نخطوها .

دخلنا المستشفى المنهك ، ظننا أننا بأمان ، لكن ما لبث أن طوّقتنا القوات من كل جهة
حوصرنا هناك 13 يوماً بلا كهرباء ، بلا طعام كافٍ ، بلا مياه أو تدفئة … البرد كان يلسع الجلد ، واليأس يحاول أن يتسلل إلى الروح .

حتى جاء 5 فبراير 2024 ، جاء الأمر الصادم : إخلاء المستشفى قسراً خلال نصف ساعة!!!
أكثر من 13 ألف نازح غادروا دفعة واحدة ، في مشهدٍ و كأنه يوم الحشر ، طلبوا منا المرور في ممر وحيد ، محاط بأكثر من 200 دبابة ، وقناصين في كل مكان ، وحُفر عميقة و طريق وعرة برمال مبللة من المطر .
أخبرونا أن الصليب الأحمر كمؤسسة دولية سيرافقنا و يمنحنا بعد الله الأمان و الوصول بسلامة ، لكنه لم يفعل ذلك .

بعد أول ربع ساعة ، أوقفونا ، صوت الضابط الإسرائيلي ينادي عبر الميكروفون ، حين الصمت لنستمع ماذا يقول ؟!
: الرجال إلى “أعلى التلة” ، النساء و الأطفال أقل من 15 عام انزلوا أسفل الساتر الرملي جوار اكثر من 500 جندي مسلح و قناصين ، كنت مع والدي ، أتمسك به وكأنني أتشبث بالحياة ذاتها ، ثم فصلونا .
أجبروني على ترك يده ، ونزلت ألحق أمي و إخوتي إلى جهة النساء .

مررنا بجانب الجنود ، الأسلحة مُصوبة عند رؤوسنا ، والكلاب تُطلق خلفنا لنهرب بعيداً عن مكان تواجد الجنود ، أحد الجنود صرخ علينا بعبارات مهينة ، وضحك بسخرية على حالنا … لكننا عبرنا البوابة الالكترونية و حاجز التفتيش .

في منتصف الطريق ، كنا ننتظر وصول أبي وأخوالي الأربعة ، لكن الصدمة كانت بحجم السماء : تم اعتقالهم .
توقف الزمن …. تشقّق قلبي ، و تفتت روحي ، و لم نكن نملك شيئاً سوى البكاء و الدعاء .

ثم جاء خبر آخر … قُصف منزلنا بالكامل ، و كأن المصيبة كانت بحاجة إلى شقيقة أخرى .

انتقلنا للعيش في خيمة على شاطئ البحر ، بلا كهرباء ، بلا إنترنت ، بلا سقف يُذكر ،بلا مياه شرب نظيفة ، بلا طعام ، بلا غاز ، بلا معدات و لا أدوات ، و بلا اغطية تحمينا من برد الشتاء ، و لكننا صمدنا .
دارت الأيام و بعد أربعة أشهر فقط ، وصلتني رسالة من جامعتي تطلب تحديث بياناتي و تسجيل الفصل الدراسي الجديد .

وقفت ، قلت لنفسي : “يا فرح ، قومي و لا تدعي الظروف توقف طريقك ” وسجلت ، ودرست و تخرجت.

لم أكتفِ بذلك…. بجانب دراستي كنت قد سعيت و سعيت حتى حصلت على رخصة مزاولة مهنة التدريب ، وأنشأت أكاديمية فرح التدريبية ، أول منصة إلكترونية تجمع بين الصحة و التنمية البشرية في زمن النزوح و الحصار .

ثم وجدت شغفي في الكتابة ، فكتبت ثمانية كتب متنوعة ، وحصلت على عضوية رسمية ككاتبة وأديبة في منتدى سلاطين الكلمة و مجلة نور الثقافية و كتبت عدة مقالات و تم نشرها في موقع القلم الفلسطيني ، كما و ظهرت في برامج إذاعية و تلفزيونية لأروي حكايتي ، ليس من باب الشكوى ، بل من باب الإلهام و لأكون نموذج ملهم لقصة تحدي و صمود .

أسست أول مبادرة رقمية صيدلانية في فلسطين “إصرار طالب صيدلاني” ، لتدريب أكثر من 300 طالب وطالبة ، وأطلقت أول مسابقة بحثية طبية في غزة رغم كل الحصار ، وكل الظلام ، وكل القصف .

كل هذا فعلته ، وأنا أعيش بين انقطاع الكهرباء ، و ضعف الانترنت ، و فقدان الأب ، وهدم المنزل .
لكنني أردت أن أُثبت لنفسي ، و للعالم ، و لأبي داخل السجن … أن ابنته أصبحت شيئاً يُفتخر به و تسير على خطاه .

لم يمنحني أحد لقب “سفيرة الإنجازات”… أنا من اخترته ، أنا من منحت نفسي هذا الوسام ، إيماناً بأن الأحلام لا تُهدم ، حتى و لو سقطت فوقها ألف قذيفة ، و أن القهر لا يصنع العجز ، بل يولّد التصميم .

وأن كل من تحت الأنقاض … يستطيع أن ينهض ، إن كان قلبه حرّاً ، وإرادته صلبة .

قصيدة: جدائل منهوبة

  • قصيدة: جدائل منهوبة

    قصيدة: جدائل منهوبة

    بقلم: أ. مجيدة محمدي شاعرة، وباحثة تونسية     في مساءٍ تتسكّع فيه الأرواح على أرصفة الخديعة، رأيتُ جديلةً تمشي وحدها،... قصيدة: جدائل منهوبة اقرأ المزيد
  • قصيدة بعنوان: حكاية شعب

    قصيدة بعنوان: حكاية شعب

    بقلم: أ. غادة طبش قصيدة بعنوان: حكاية شعب احنا الشعب الفلسطيني أصحاب هالبلاد ترابگ يهالأرض هو الزّاد والزوّاد ونبع... قصيدة بعنوان: حكاية شعب اقرأ المزيد
  • قصة من غزة!

    قصة من غزة!

    قصة الدكتورة أميرة الدغمة _العسولي_ تبدأ احداث القصة في يوم العاشر من شهر فبراير، في ساعات الليل المتأخرة، وبمكان ما... قصة من غزة! اقرأ المزيد

اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عن القلم الفلسطيني

بالقلم الفلسطيني... نافذتك لفهم القضايا الاستراتيجية بعين فلسطينية، حيث نرسم الواقع ونكتب المستقبل
  • الرئيسية

  • المقالات

  • الأبحاث

  • القصص

  • الأنشطة والفعاليات

  • تواصل معنا

  • Twitter
  • Facebook
  • Instagram
  • YouTube
  • Telegram Broadcast
  • WhatsApp
  • RSS
By Wael Aldaghma