بقلم: أ. احمد خالد الجرف
ماجستير قانون عام.
جاء ردّ حركة المقاومة الإسلامية “حماس” على المقترح الأخير المطروح لوقف إطلاق النار والتسوية في قطاع غزة، ليكشف عن موقف واضح من حيث قبوله الجزئي ورفضه الضمني والصريح لعدد من البنود الجوهرية الواردة في الخطة. فبينما أبدت الحركة موافقة على بند تبادل الأسرى، فقد تجاهلت أو رفضت ما عداه من عناصر الخطة، ما يشير إلى استمرار الفجوة الكبيرة بين الأطراف المعنية.
تبادل الأسرى: القبول الوحيد
في معرض ردها، أبدت حماس قبولها الصريح لبند تبادل الأسرى، وذلك “وفق الصيغة الواردة في الخطة”، وهو ما يدل على أن هذا البند يمثل القاسم المشترك الوحيد حتى الآن بين الحركة والجهات الراعية للمقترح. ويبدو أن الحركة تنظر إلى هذا البند كأولوية وطنية وإنسانية يمكن البناء عليها، لكنه في المقابل لا يُعدّ كافيًا لدفعها نحو الموافقة على كامل الخطة المطروحة.
رفض “مقنّع” للحكم الدولي
من أبرز ما ورد في رد الحركة، هو تأكيدها على أن الحكم في المرحلة القادمة يجب أن يكون “تكنوقراطياً”، يستند إلى “توافق وطني”. هذه الصياغة وإن بدت عامة، إلا أنها تنطوي على رفض صريح للمقترح المتعلق بتشكيل مجلس سلام دولي أو نشر قوات دولية في غزة. فالحركة، من خلال تأكيدها على “الوطنية” و”التكنوقراط”، تُبدي اعتراضاً على أي وصاية أو إدارة خارجية، سواء كانت تحت مظلة أممية أو إقليمية.
نزع السلاح: غياب متعمد أم رفض صريح؟
وربما يكون الأهم في الرد، هو ما لم يُذكر صراحة. إذ لم تتطرق حماس في ردّها إلى قضية نزع السلاح أو تجريده، وهو ما يمكن فهمه باعتباره رفضًا لهذا البند، أو على الأقل تجاهلًا مقصودًا له في إطار رفض التعاطي معه من الأساس. ومن المعروف أن قضية نزع سلاح الفصائل هي من أكثر النقاط إشكالية في أي مفاوضات تتعلق بغزة، وترتبط بشكل مباشر بمسألة “من يحكم غزة؟ وكيف؟”.
خلاصة: قبول جزئي لا يُبنى عليه تسوية
يؤكد رد حماس أن الحركة تقبل فقط بجزء محدود من الخطة، يتمثل في تبادل الأسرى، بينما ترفض أو تتحفظ على بقية البنود التي تُعدّ في نظر المجتمع الدولي جوهرية لأي تسوية دائمة. وبذلك، فإن الرد يمثل عقبة جديدة أمام الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الحرب الحالية والتأسيس لمرحلة جديدة في غزة، تقوم على التهدئة وإعادة الإعمار ضمن إطار سياسي مستقر.
فما لم تتقاطع المصالح والرؤى بشكل أوضح بين حماس والجهات الراعية، ستبقى الفجوة قائمة، وستبقى التسوية مؤجلة إلى حين.

