بعد شهور طويلة من القصف والدمار، جاء إعلان وقف إطلاق النار كنسمة أمل اجتاحت شوارع غزة، التي اعتادت على رائحة البارود وأصوات الانفجارات. خرج الناس من بيوتهم أو مما تبقى منها، بعيون تترقب وقلوب تخفق بين التصديق والخوف. لا أحد يجرؤ على إعلان الفرح كاملًا، لكنه حاضر… في نظرات الأطفال، في ازدحام الأسواق، في صلاة الشكر، وفي ابتسامة عجوز نجت من القصف.
رغم كل الألم، فإن لحظة الإعلان كانت لحظة نادرة، شعرت فيها غزة أنها ما زالت على قيد الحياة. سارع المواطنون لتفقد أحبائهم، وبدأت ملامح الحياة بالعودة تدريجيًا: دكاكين فتحت أبوابها، الخبّازون عادوا لصنع الخبز، وصوت الأطفال عاد ليعلو في الأزقة.
لكن خلف الفرح، لا تزال الجراح مفتوحة، والقلوب ثقيلة. الجميع يعلم أن الهدنة في غزة ليست نهاية، بل استراحة قصيرة في صراع طويل. ومع ذلك، فإن هذه الهدنة – مهما كانت مؤقتة – منحت الناس لحظة تنفس، ووقتًا لدفن الشهداء، ولمّ الشمل، وكتابة دعاء جديد: أن يكون السلام هذه المرة أطول من هدير الطائرات.
فغزة، كما كانت دائمًا، تعرف كيف تحوّل الرماد إلى حياة، وتزرع الأمل في أصعب الظروف… وتنتظر، كما تنتظر دائمًا، فجرًا لا تسبقه صافرات الإنذار.


موفقين باذن الله