بقلم: أ. بسمة زهير أبو جبارة
كاتبة أدبية
يا غزّتي العريقة…
يا مدينةً تنبض بالماضي العتيق…
يا دربًا يفوح من جدرانه عبق التاريخ…
وتحتضن أرضه صدى الأجداد…
كلما استحضرت ذاكرتي زواياك الجميلة التي احتضنت ذكرياتنا… يتملكني وجعٌ عميق، كأن أرواحنا ما زالت معلّقة هناك، تهمس بما كان، وتبكي ما ضاع!
يا ليتني كنت أمشي في شوارعك دائمًا… أحمل كاميرتي وألتقط صورًا لجمالك الخلاب … وأكتنز في ذاكرتها مشهد البحر حين يلامس الغروب…والموج وهو يحتضن الشاطئ … وضحكات الأطفال التي كانت تملأ الأفق رغم ضيق العيش.
أين صارت تلك المقاعد التي جلسنا عليها على الكورنيش… وتلك الأزقّة التي حفظت أصواتنا وضحكاتنا؟
أين معالمك التي غمرتنا بأضوائها وألوانها؟
كلّها اليوم محاصرة بالوجع… باهتة الملامح، كأنها تعكس أرواحنا التي تعبت.
أكثر ما يؤلمني أنّ الجمال الذي كان لنا لم نحتفظ به إلا في صدورنا.
غزّتي… يا ذاكرتي المكسورة… ويا حسرتي المأسورة.
كم أوجعني أن أعود إليك عبر الحنين فقط…
لم يبقَ لنا منك إلا حسرات متراكمة… وحلمٌ لو عاد الزمان بنا… لكُنَّا حملنا الكاميرا في كل خطوة، لنسرق من قسوة الأيام بقايا جمالك، قبل أن يبتلعه الغياب!
يا جميلتي … إليك أهدي أحلامي جميعها، وطموحاتي التي لم تكتمل بعد، ومستقبلًا لم يُكتب فصله الأخير!
خذي من قلبي ما شئتِ… وردّي إليّ لحظةً من لحظاتك…
لحظة أتنفس فيها هواءك… وألتمس فيها أمانك… وأستعيد بين أركانك صورًا نُقشت في الروح ولن تمحى.
ستبقين مدرسة الكبرياء… ومعنى الانتماء…
وما بين الحلم واليقظة… ستظلين وجهتي الأولى، وحنيني الذي لا ينطفئ، ومرفأ القلب الذي لا يعرف البديل!
شذرات جدة معاصرة

