بقلم: د. خالد صبحي الطويل.
دكتوراة في التنمية البشرية، وعضو اتحاد المدربين العرب.
بعد إعلان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، كان من المفترض أن يبدأ الناس صفحة جديدة من التعافي وإعادة الحياة. لكن الواقع المؤلم يقول إننا انتقلنا من نار الحرب إلى نار الفوضى، من هدير الطائرات إلى صوت الرصاص العشوائي في الأفراح والعزاء والمناسبات.
لقد أصبحت الرصاصة – للأسف – لغةً للتعبير، ورمزًا للفرح والحزن في آنٍ واحد، حتى كادت تتحول إلى ثقافة مجتمعية منحرفة لا تُدرك خطورتها إلا حين تسقط ضحية بريئة تحتها.
في كل مناسبة، نسمع طلقات نارية تمزق صمت الليل، وتزرع الخوف في قلوب الناس، وكأن الفرح لا يكتمل إلا بسلاح، وكأن الرجولة لا تثبت إلا بزخّات الرصاص.
لكن ماذا بعد؟!!
كم من طفل قُتل برصاصة طائشة؟؟
وكم من أمٍّ فجعت بفلذة كبدها لأن أحدهم أراد أن “يفرح”؟
هذه ليست فرحة، بل استهتار بحياة الناس واعتداء على أمن المجتمع وحقه في الأمان.
والمأساة اليوم أشدّ، لأن أغلب سكان قطاع غزة يعيشون في خيام مؤقتة لا تقيهم رصاصة نازلة من السماء.
الرصاص لا يميّز بين هدف ومارّ، ولا بين جندي ومدني، ولا بين قاتل وبريء، ومن يضغط الزناد في الهواء، عليه أن يتذكر أن تلك الرصاصة ستسقط حتمًا على أحدٍ في مكانٍ ما.
لقد آن الأوان أن نقول بصوتٍ واحد:
كفى فوضى، كفى عبثًا، كفى استهتارًا بأرواح الناس.
السلاح يجب أن يبقى بيد من يحمي الوطن لا من يعبث بأمنه.
وإطلاق النار العشوائي يجب أن يُجرّم ويُدان، لا يُصفّق له ولا يُبرر تحت أي ذريعة.
إن بناء مجتمع آمن يبدأ من ضبط السلاح واحترام القانون، ومن ترسيخ ثقافة الفرح الآمن والمسؤول.
فليكن شعارنا في هذه المرحلة:
“دع رصاصك صامتًا، فالوطن أنهكته الأصوات.”

