بقلم: أ. بسمة زهير أبو جبارة
كاتبة أدبية
يقولون توقّف إطلاق النار…
لكنّ السماء ما زالت ملبدة بالوجع، والهواء لا يزال يحملُ رائحة الخوف.
غزة هادئة الآن، لكنّ هذا الهدوء ثقيل… كأنه استراحة بين وجعين.
من يُقنع أطفالَنا أن الليلَ أصبح آمنًا؟
من يُطفئُ في صدورهم الخوفَ الذي يسكنهم منذ أوّل صوت انفجار؟
كيف نشرح لطفلٍ صغيرٍ أن السماء قد تهدأ فعلًا، وأن صوت الباب عندما يغلق بشدة ليس قصفًا؟
في كلّ بيتٍ طفلٌ ما زال يرتجف عند أقلّ حركة، وأمٌّ تُخفي دموعها كي لا يراها أبناؤها.
الوجع في غزة لا يحتاجُ إلى كلمات، يكفي أن تنظر في عيون الصغار لتفهم أن الحرب لم تغادرهم بعد.
أطفالُ غزة كبروا قبل أوانهم.
يتحدثون عن الموت كما لو أنه جارٌ يعرفونه بالاسم، ويحفظون أسماء الشهداء كما نحفظ أسماء أصدقائنا.
لكن رغم كلّ هذا… ما زال فيهم بريق حياةٍ عجيب، يقاوم الرمادَ بابتسامة.
في الصباح، يعودون للعب فوق الركام، يركضون بخفّةٍ كأنهم يريدون إقناع الأرض أنهم ما زالوا هنا.
يرسمون الشمسَ على جدارٍ مهدّم، كأنّهم يعلنون بصمت: سنعيش رغم كل شئ.
حتى وإن توقّفت الحرب…
فالحرب لم تتوقّف في داخلنا.
تسكننا في كلّ لحظة، في كلّ نَفَس، في كلّ طفلٍ يحلمُ بنومٍ هادئ لا يقطعه الخوف.
ومع ذلك، تبقى غزة…
تنهض من تحت الركام كلّ مرة، تداوي جراحها بالحبّ، وتعلّم العالمَ أن الصمودَ ليس شعارًا… بل حياة تولد من الرماد.
