الريلز.. سلاح غزة الرقمي في معركة الوعي!
في عالم تتحكم فيه الصورة والمعلومة السريعة، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ميدانًا جديدًا للنضال من أجل الحقوق والعدالة. ومع تصاعد الأحداث في فلسطين، وخصوصًا في قطاع غزة، برزت خاصية “الريلز” في إنستغرام وفيسبوك كواحدة من أقوى الأدوات الإعلامية لمناصرة القضية الفلسطينية. هذه المقاطع القصيرة، التي لا تتجاوز 90 ثانية، استطاعت تجاوز الحدود والجدران، لتنقل معاناة غزة إلى العالم، وتفضح الجرائم الإسرائيلية التي تحاول بعض وسائل الإعلام طمسها.

الريلز والسياسي
الريلز.. عين غزة التي لا تنام
1. توثيق العدوان وكشف الحقيقة
خلال العدوان المتكرر على غزة، يجد المواطن العادي نفسه في قلب الحدث، يحمل هاتفه لتوثيق القصف، الدمار، وصمود الناس. الريلز تحولت إلى أرشيف بصري فوري يوثق الجرائم لحظة وقوعها، ليصل إلى ملايين المشاهدين في وقت قياسي. وبما أن هذه المقاطع تعتمد على السرعة والتلقائية، فإنها تمنح الجمهور نظرة غير خاضعة للتلاعب الإعلامي أو التفسير المنحاز.
2. تجاوز الحصار الإعلامي والسياسي
تعاني غزة من حصار مزدوج؛ حصار مادي يفرضه الاحتلال، وحصار إعلامي تحاول بعض المنصات فرضه من خلال حذف المحتوى الفلسطيني أو تقييد وصوله. لكن الريلز بفضل خوارزمياتها الديناميكية وانتشارها السريع، شكلت ثغرة في هذا الحصار، حيث أصبح من الصعب إسكات المحتوى عندما يتم تداوله بسرعة البرق عبر ملايين الحسابات حول العالم.
الريلز.. أداة تضامن عالمي مع غزة
1. كسر حاجز الصمت الدولي
من خلال مقاطع قصيرة مؤثرة، استطاع الناشطون الفلسطينيون جذب انتباه المشاهير، والمؤثرين، والسياسيين في مختلف دول العالم. صور الأطفال تحت الأنقاض، صيحات الأمهات، ولقطات الإنقاذ من تحت الركام، كلها أصبحت مواد بصرية تفرض نفسها بقوة على الضمير العالمي، وتجعل من المستحيل تجاهل ما يحدث في غزة.
2. تعزيز حملات الإغاثة والدعم
ساهمت خاصية الريلز في نشر حملات التبرع والإغاثة لصالح غزة، حيث استخدمها الناشطون والجهات الخيرية لحشد الدعم المالي والإنساني. مقاطع تعرض معاناة المستشفيات، نقص الغذاء والماء، والحاجة العاجلة للأدوية، أدت إلى زيادة كبيرة في التبرعات من مختلف أنحاء العالم، مما ساعد في تقديم يد العون لأهل القطاع المحاصر.
3. تحويل التضامن إلى فعل حقيقي
لم يعد التضامن مع غزة يقتصر على العواطف، بل تحول إلى حراك رقمي حقيقي، حيث انتشرت عبر الريلز دعوات مقاطعة المنتجات الداعمة للاحتلال، وخرجت مظاهرات حاشدة في مختلف العواصم العالمية، وكل ذلك بدأ من فيديو قصير، لا يتجاوز دقيقة واحدة، لكنه يحمل رسالة أقوى من مئات الخطابات السياسية.
تحديات الريلز في معركة الوعي

الوعي
1. الرقابة الرقمية ومحاولات التعتيم
تعتمد المنصات الكبرى سياسات متحيزة أحيانًا، حيث يتم تقليل وصول المحتوى الفلسطيني أو حذفه بدعوى مخالفته للمعايير، بينما يُسمح للمحتوى الإسرائيلي بالانتشار دون قيود. هذا يجعل المعركة ليست فقط على الأرض، ولكن أيضًا في الفضاء الرقمي.
2. الهجمات الإلكترونية والتبليغات الممنهجة
يواجه النشطاء الفلسطينيون حملات تبليغ منظمة من قبل جهات داعمة للاحتلال، تهدف إلى إغلاق حساباتهم أو تقليل وصول محتواهم، مما يفرض عليهم تطوير استراتيجيات جديدة للالتفاف على هذه العقبات.
3. الحاجة إلى استدامة الزخم الإعلامي
غالبًا ما يتفاعل الجمهور مع المحتوى الفلسطيني خلال فترات التصعيد فقط، ثم يتراجع الاهتمام مع مرور الوقت. لذا، يبقى التحدي الأهم هو الحفاظ على استمرارية المحتوى، بحيث لا تكون القضية مجرد “ترند” موسمي، بل نضالًا إعلاميًا مستمرًا.
الريلز.. منبر غزة الحر
في ظل اختلال ميزان القوى العسكرية والسياسية، استطاعت غزة أن تخلق سلاحًا رقميًا فعالًا من خلال الريلز، لتروي حكايتها بلسان أبنائها، وتنقل للعالم صورة لا يمكن تحريفها أو تزييفها. هذا السلاح، رغم بساطته، أثبت أنه قادر على كسر الحصار الإعلامي، وكسب الرأي العام العالمي، وحشد التضامن الإنساني. فبينما يملك الاحتلال الدبابات والصواريخ، يملك الفلسطينيون هواتفهم وإرادتهم، وكما أثبتت التجربة، فإن الحقيقة عندما يتم توثيقها ونشرها، تصبح أقوى من أي آلة قمعية.