بقلم: د. نداء عبد العزيز رزق
أخصائية تحاليل طبية، مدربة صحية وكاتبة.
في زمنٍ انقلبت فيه الحقائق، وتحوّلت فيه الشعارات إلى رصاص طائش، جاءت غزة… لا لتشتكي، بل لتفضح!
فضحت كل كذبة تربّينا عليها، صدقناها، رددناها… ثم رأيناها تنهار على رؤوس أطفالها.
“الدم ما بصير ميّة”
لكنّه صار!
صار في عروق من يدّعون العروبة، صار عند الملوك والرؤساء والأنظمة ماءً ، لم يُحرّكهم دم الأطفال ولا نحيب الأمهات، وحدها غزة تنزف… ووحدهم صامتون.
“ما حدا بيموت من الجوع”
فمات الأطفال من الجوع!
ببطون خاوية، بجلدٍ يلتف على العظم، طفلة صامتة عن البكاء… لأن الجوع أخرس صوتها…في غزة، الجوع ليس مجازًا ، بل حكم بالإعدام دون محاكمة.
“ما حدا بينام بالشارع”
بينما نام آلاف النازحين في العراء، في شوارع بلا سقف، وخيام بلا دفء، شيوخ وأطفال ينامون على الإسفلت،تحت رحمة القصف والجوع والخذلان.
“الحرام ما بيعيش”
لكنّه في غزة يحكم، ويقصف، ويُكافأ، بينما يعيش أصحاب القيم مطاردين، مقتولين، جائعين…فهل ماتت المقاييس؟ أم نحن من قتلها؟
“الدنيا لسا فيها خير”
غزة بحثت عن الخير فلم تجد سوى صمتٍ ملوّث، يدًا تُصافح القاتل، وشفاهًا تُدين الضحية.
“الحق لا يموت”
لكن في غزة قُتل الحق ألف مرة، قُتل في لجان التحقيق، وفي كلمات “نحن قلقون”، وفي مؤتمرات بلا قرار.
“السكوت علامة الرضا”
بل علامة الجبن والخيانة…صمتوا، فرقص العدو على أشلاءنا، وأعلنت غزة وحدها أنها ترفض… حتى الموت.
“كل شي بيعدي”
لكن في غزة، لا يمر شيء…القصف لا يُنسى، اليتيم لا يكبر كما الآخرين،والأم لا تنسى رائحة ابنها المحترق تحت الردم.
“الدنيا دوّارة”
لكنها دارت فقط على غزة، فجعلتها في وجه العاصفة دائمًا، تدفع الثمن عن صمت العالم وجبن الأشقاء وحدها.
“ما حدا لحالو”
وغزة وحدها في الميدان، وحدها تحت السماء المكشوفة، تقاوم، وتصبر، وتُذبح… في انتظار نصرٍ مؤجل.
غزة لا تحتاج خطبًا، ولا دموعًا، ولا تبريرات. هي فقط تطلب أن نكفّ عن الكذب… وأن نقول الحقيقة كما هي: “كل الكذبات التي صدّقناها، ماتت تحت أنقاض غزة”.

