بقلم: أ. سعيد إبراهيم زعلوك
حَتّى نَلتَقي
سَأَترُكُ بابَ الحُلمِ مَفتوحًا،
لعلَّكَ تَمُرُّ كالرِّيحِ،
تَعرِفُ طريقَها في العَتَمَة.
سَأُخبِّئُ اسمَكَ في نَبضي،
كآيةٍ نَزَلَتْ على قلبٍ ضائعٍ،
تُعلِّمُهُ كيفَ يُصلِّي بالحنين،
وكيفَ يَبكِي دونَ أنْ يُسمِعَ أحدًا.
كلَّ مساءٍ، أُحادِثُ ظِلَّكَ،
أُرتِّبُ الحنينَ على الكُرسيِّ الفارغ،
وأُقَبِّلُ صُورتَك،
لأَتَذكَّرَ أنَّ الوَجعَ…
يَشبهُ الحُبَّ أحيانًا.
—
يا ابنَ الأرضِ،
قُلْ للأُمَّهاتِ:
لَمْ يَغِبِ الشُّهَدَاءُ،
إنَّهم يُضِيئونَ الطُّرُقَ بخُطاهم،
ويزرَعونَ الورودَ على جراحِ السَّماء.
كم مَرَّةً مُتُّ؟
كم مَرَّةً قُلتُم: انتهى؟
وها أنا أعودُ،
أحملُ جُثَثَ الغَدِ،
وأزرَعُها أملاً في المَدى.
أعودُ لأنَّني أنتُم،
ولأنَّ اللهَ لَمْ يَكْتُبْ لي المَوتَ بعد.
—
يا وَلَدي…
لا تَبكِ،
فالمَوتُ لَيسَ آخِرَ الحِكاية،
إنَّهُ بابٌ آخرُ للحياةِ الّتي لا تَفْنَى.
سَتَلتقي الأحِبَّةُ على ضِفافِ النُّور،
حينَ تَنامُ الدُّنيا عن ضَجيجِها،
ويُنادى فيكَ:
عُدْ إلى بَصيرتِكَ الأُولى،
إلى البَذرةِ الّتي ما زالتْ تُصلِّي في التُّراب.
—
حَتّى نَلتَقي،
سَنَمشي على جُرحٍ يُنبتُ وَردًا،
ونُصلِّي لأَحلامٍ لَمْ تَكْتَمِلْ.
سَنَجمَعُ ما تَبَقّى مِن أسمائِنا
على صَفْحَةِ الغَيْم،
ونَقولُ:
لَمْ نَمُتْ،
بَلْ تَقَدَّمْنا خُطوةً إلى النُّور.
فإنْ سَأَلُوا عَنَّا…
قُولوا:
كانوا هنا،
وساروا في اتِّجاهِ النُّور.
