بقلم: أ. وسيم فارس الغندور
محام، ومهتم بالشأن الفلسطيني
غزة.. تلك البقعة الصغيرة من الأرض التي تحمل في طياتها تاريخًا من الصمود والمعاناة، تئن اليوم تحت وطأة الحرب والدمار والانقسام الداخلي. بعد كل هذه السنوات من الحصار والمعارك، يتساءل الكثيرون: إلى أين تمضي غزة؟ وهل هناك أمل في الخروج من هذه الدائرة المفرغة من العنف والصراع؟
لا تزال غزة تعاني من تبعات الحروب المتكررة، آخرها تلك التي خلفت دمارًا هائلًا في البنية التحتية، ومئات القتلى والجرحى، وآلاف المشردين. البيوت المدمرة، والمستشفيات المكتظة، وانقطاع الكهرباء والمياه، كلها مشاهد تؤكد أن المدنيين هم من يدفعون الثمن الأكبر.
والسؤال الذي يفرض نفسه: كم مرة يمكن لإنسان أن يبني ويُهدم ما بناه؟ كم مرة يمكن لطفل أن يفقد بيته أو مدرسته قبل أن يفقد الأمل في الحياة نفسها؟ الغزيون يعيشون في حالة من اليأس والإحباط، حيث لا يبدو أن هناك حلًا قريبًا ينهي معاناتهم.

الحرب والدمار في فلسطين
الانقسام الفلسطيني: صراع على السلطة فوق ركام المعاناة!
في خضم هذا الدمار، يزداد الوضع تعقيدًا بسبب الانقسام الفلسطيني الداخلي بين فتح وحماس. فبدلًا من توحيد الصفوف لمواجهة التحديات المشتركة، تستمر الخلافات السياسية والصراع على النفوذ، مما يفاقم الأزمة الإنسانية ويضعف أي فرصة لإعادة الإعمار أو تحقيق الاستقرار.
لقد بات واضحًا أن استمرار هذا الانقسام يخدم فقط الأطراف الخارجية التي تريد إبقاء الفلسطينيين ضعفاء ومشتتين. فمن غير المقبول أن تتحول غزة إلى ساحة صراع بين الفصائل، بينما الناس يموتون جوعًا ومرضًا تحت الحصار.
أين المخرج؟
لا يمكن لغزة أن تخرج من هذا النفق المظلم دون تحقيق عدة شروط:
1. وقف إطلاق النار الدائم: فبدون هدنة حقيقية، سيستمر الدمار وسيبقى المدنيون تحت رحمة القصف.
2. رفع الحصار: لا يمكن لغزة أن تعيش في عزلة تامة، فالحصار الجائر يخنق الاقتصاد ويمنع إعادة الإعمار.
3. المصالحة الفلسطينية: لا مستقبل لفلسطين دون وحدة وطنية، فالانقسام يضعف القضية ويُطيل أمد المعاناة.
4. دعم دولي جاد: المجتمع الدولي مطالب بالضغط لإنهاء الاحتلال وتمكين الفلسطينيين من العيش بكرامة.
رسالة إلى غزة…
إلى أهالي غزة، يا من تحملون فوق أكتافكم أثقال الحرب والدمار، نعلم أنكم تائهون في بحر من الألم، ولكن تاريخكم يقول إنكم قادرون على النهوض مرة أخرى. لا تيأسوا، فالشعوب التي ترفض الموت لا بد أن تحقق الحياة يوما ما.
إلى القادة الفلسطينيين، كفاكم صراعًا على السلطة، فالسلطة الحقيقية هي في قلوب الناس، وليس في مقاعد قد تزول غدًا. اتحدوا لإنقاذ شعبكم قبل فوات الأوان.
غزة.. لن تموتي، لأن القضية لن تموت. ولكن إلى متى ستبقين ترسمين طريقك على جثث الأبرياء؟ السؤال الأصعب ليس “إلى أين؟”، بل “كيف نوقف هذا الدمار؟”.
والإجابة لن تأتي إلا بوحدة الفلسطينيين، وعودة الضمير العالمي، وإرادة الحياة التي لا تقهر.
#المصالحة الفلسطينية
حقا المصالحة هي الحل.