بقلم: أ. فريد حجازي القصاص
محامٍ، وباحث قانوني
- إن السياسة هي الإدراك الموجه للشؤون العامة، بمعنى أنها ترتفع عن المجال الشخصي الفردي أو الفئوي هذا أولاً!
★الحرب هي أحد مظاهر السياسة الخارجية (للدول) فهي عمل من أعمال القوة يراد به إرغام الخصم على النزول عند إرادة من يشن الحرب، وهي أيضاً استمرار للسياسة ولكن بوسائل أخرى.
★من يملك القوة يملك أداة الحرب، وبالضرورة يجب أن يمتلك الدبلوماسية والمفاوضات كأدوات للسلام.
★و عليه فغرض كل سياسة سواء استعملت فيها أدوات القوة والحرب أو أدوات السلام و المفاوضات هو وضع شكل مناسب للشؤون العامة مستقبلاً، وهذا الشكل إنما ينبني على معايير تحكم التصرف السياسي وهذه المعايير هي الملاءمة والشرعية الدولية.
★أما عن (الملاءمة) فمقتضاها أن يقدر رجل السياسة الأمور من جانبي المصلحة العامة و اختيار الوسيلة والطريق المؤيدين لتحقيق الغرض المنشود.
★كما ينبغي أن يسبق التصرفات حكم دقيق على الموقف مع الاعتبار بأن كل موقف (ولو كان يعبر عن المجموع) إنما يحمل في طياته عدم الطمأنينة واحتمالية وجود الجهل بوجهات وظروف النزاع أو الصراع وهو ما يوجب حساب نسبة المخاطرة…
- وباسقاط ما سبق على الواقع :-
★ فنحن أمام مشهد فرضه (ثلة من فئة) قوامها ثلاثة أشخاص (ولا تنصرف المفردة إلى قصد الإساءة بقدر إنصرافها للوصف)، بتوجيه الأوامر والقرارات نيابة عن الشعب الفلسطيني بل والأمة العربية والإسلامية -على حد تعبيرهم- باتخاذ قرار الحرب بهدف إرغام الخصم على النزول عند إرادة الأمة ، ثم إنهم بعد ذلك ومن جانب سوء التقدير والملاءمة بشأن من سيكون النصير، حولوا الأمة إلى خصم.
★ثم إنهم لم يمهدوا لتكون الحرب استمرار للسياسة، فهم توقفوا عند الحرب بكونها حرب، فلا آفاق لتصير الأمور نحو استمرار السياسة في ظل السمة الأساسية لهذه الحرب وهي أنها قائمة على أساس.

الحرب على غزة
-
معادلة_صفرية يهدف كل من طرفيها إبادة الآخر وليس الوصول إلى حل سياسي معه، وبذلك أصبحت الحرب فقط لأجل الحرب.
★حتى مسار التفاوض فيها لا يتجه نحو مكتسبات حقيقة تضاف إلى واقع ما قبل الحرب ،وانما أصبح تفاوض أكبر مطالبه وقف الإبادة، أي أنه لا يسير باتجاه تحقيق ما تم الإعلان عنه من أهداف مسبقة.
★ لقد أغفل قرار الهجوم أساسيات ومنها أن قوة الاقتتال أو المقاومة لأي أمة إنما تتوقف على استقرار اقتصادياتها بقدر ما تتوقف على قوتها العسكرية وكفاءتها، كما أن استقرار النظام السياسي والجبهة الداخلية له أثره الكبير في إمكانية الإنتصار أو الفشل.
★و باسقاط ذلك على هجوم 7 اكتوبر فلقد كانت ولا زلنا أمام حالة من عدم الاستقرار في النظام السياسي، في ظل المسارات المتنافرة على مستوى القرار الفلسطيني المنقسم، هذه المسارات التي لا تنطلق من بوتقة واحدة (برنامج وطني موحد)، وإنما أسست لحالة من الشتات ونعيش نتائجها اليوم، و مؤخراً صرنا نلمس معالم الانهيار الوشيك في البنيان المجتمعي، وأما عن استقرار الاقتصاديات فهو في حالة شلل سابق، زادته الحرب انعداماً وتردياً.
★كل ما سبق يجعلنا نسأل، إلى أين يسير بنا قرار الثلاثة؟! وأي غرض ستحقق هذه السياسة التي استعملت فيها أدوات القوة والحرب؟! وأي شكل ترسم للشؤون العامة مستقبلاً؟! ما هي معالم هذا المستقبل؟ على مستوى الصحة والتعليم والبنيان و على مستوى الوجود الإنساني (صمود الشعب على أرضه) كأقوى ورقة في مواجهة صلف المحتل.
★هذه الأبجديات كان يجب أن تلقى الرعاية، وهذه التساؤلات لا بد أن تلقى إجابة، وكل صاحب قرار في فلسطين مسؤول أمام هذا الواقع الذي تمر به البلاد.