بقلم: أ. صائب جمال أبو جزر
ماجستير قانون عام
عُلمنا في المدارس أن وجود الأحزاب السياسية هي ظاهرة صحية من شأنها تصحيح عمل السلطة، وأن وجود الأحزاب يعمل على فرض نوع من الرقابة التي من شأنها تصحيح المسار العام للقائمين على إدارة الدولة بما يخدم مصالح الجميع، وأيضًا تحسين جودة الممارسات السياسية. حيث يرتبط تنوع الأحزاب بدور أساسي في تعزيز مبادئ الديمقراطية!
لكن ما تعلمناه كان ينقصه التجربة لنثبت أن الأحزاب السياسية كانت التجربة الأكثر فتكًا بالقضية الفلسطينية…
وأن الأحزاب السياسية أصبحت ولا تزال الأكثر إرهاقًا للوطن والمواطن، وذلك لحجم التناقضات بين القول والفعل!
وأن الأحزاب السياسية أصبحت المجال الأكثر إفسادًا…
وأن الأحزاب السياسية عندما أولت الاهتمام للبقاء في السلطة تحولت إلى ما هو أشبه بمؤسسات خيرية، هدفها وشغلها الشاغل، وإنجازها الأكبر هو (كابونة لمن ينتمي لها من المواطنين)، وسوى أتباعها فهم مغضوب عليهم بتوصية جماعية في نظامهم الداخلي!
لكن هل للأحزاب السياسية فتنة؟
في البداية، لقد عافانا الله من الفتن الطائفية التي تهدد الأمن والسلم! وابتلانا بالأحزاب السياسية!
تلك الأحزاب التي أثبتت أن “للاحزاب فتنة لا تقل خطرًا عن الفتن الطائفية!”
وفي بعض الأحيان، الفتن الحزبية تكون الأكثر ضررًا وفتنة وإرهاقًا للوطن والمواطن، وذلك لأن الصراع بين الطوائف يكون على أسس واضحة للجميع؛ لكن الأحزاب السياسية، وعلى الرغم من وجود نظام داخلي ينظمها، إلا أن الممارسات الحزبية، لا سيما في فلسطين، أثبتت أنه “وإن كان لنا نظام، فهذا لا يعني أن الهوى يُلغى”، الأمر الذي يعني أنه وبالتجربة كانت الأحزاب السياسية في فلسطين تمارس الهوى في ممارساتها، دون اكتراث أو بعد نظر بحجم الضرر الممكن. معلنين أن الحزب وجد ليبقى حتى وإن ذهب الوطن!
ما نوع الحزب الذي نحتاجه في دولة فلسطين؟
يحتاج الشعب الفلسطيني إلى الحزب الذي يُولى أمره أُناس مُطلعون، مُثقفون، واعون باستثنائية الحالة الفلسطينية، وتشعب أوصالها…
نحتاج إلى حزب إن قال فعل، وإن فعل يفعل ما تمليه عليه المصلحة العامة، لا المصلحة الحزبية المبنية على أساس العددية فقط! حزب يفعل ما تمليه عليه الإرادة العامة، والتي خولته زِمام الأمور، لا أن يفعل ما تمليه عليه مصالح الأجندات، ومصالح القائمين عليه!
نحتاج إلى حزب إن أخطأ اعتذر. تخيل!؟ أننا نحتاج إلى حزب يؤمن بفلسفة الإعتذار.
وكم من أسف نحتاج لنضمد جراحنا؟
نحتاج إلى حزب يؤمن بمبدأ الديمقراطية، الذي هو أساس الثقة بين الشعب والحزب!
الخاتمة:
لم أعنِ بكتابتي هذه أي حزب موجود اليوم، لكنهم كُثر الذين يتشابهون!
فكل ما حاولت كتابته هو أمل بعيد نصحوا عليه… رغبة ألا يُنزف الدم الفلسطيني هدرًا، محاولةً لأن نكون أسوياء في طرحنا، وأن نكون عقلاء في اختيار أساليب المواجهة! وألا نُقدم الفلسطيني قربانًا للقوة السياسية، وللأجندات الخارجية!
وهنا نؤكد بأن الفلسطيني لا يمكن أن يكون مبررًا للإبادة! فالفلسطيني إنسان هو للحياة ما استطاع إليها سبيلا.
الفلسطيني يريد السلام، لكن أي سلام؟
نريد السلام المعز المبين، لا السلام المذل المهين!