بقلم: د.فرح وائل أكرم أبو سيدو
صيدلانية و مدربة تنمية بشرية و صحة
حرية الصحافة “يوم الصحافة العالمي”.
في الثالث من أيار، حين يرفع العالم شعارات حرية الصحافة وتعلو الندوات دفاعًا عن الكلمة الحرة، يكون الصحفي الفلسطيني في غزة قد سبق الجميع، لا بالخطابات بل بالدماء. في هذا اليوم العالمي، لا نُحيي فقط حرية الصحافة، بل نُشيّع ضحاياها إلى مثواهم الأخير… شهداء الكلمة الذين صاروا عناوين الحقيقة.
غزة ساحة معركة الحقيقة والمجازر الإعلامية!
منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023، تحوّلت مهنة الصحافة إلى أخطر مهمة يمكن أن يؤديها الإنسان. أكثر من 208 صحفيًا وصحفية ارتقوا شهداء الكلمة والحقيقة. وجوههم، أصواتهم، كاميراتهم ودفاتر ملاحظاتهم، كلها أصبحت شاهدة على أن الصحافة في غزة ليست وظيفة بل مقاومة.
بين الكاميرا والرصاصة روايات من قلب المجزرة!
شهيد صحفي ، استشهد وهو يرتدي سترته المكتوب عليها “PRESS”، كان حلمه أن يصور غزة من السماء…رُفعت روحه قبل أن ترفرف عدسته… وقبله، كان زميل له صحفي آخر ارتقى متأثرًا بجراح أصابته .
لماذا يُستهدف الصحفي الفلسطيني؟
لأن الصحفي في غزة يحمل أكثر من كاميرا. إنه حامل رواية شعب يريد الاحتلال محوها. الكلمة هنا ليست مجرد وصف؛ إنها توثيق لجريمة، وشهادة على الاحتلال. لهذا، يستهدف الاحتلال الصحفي الفلسطيني باعتباره تهديدًا وجوديًا لروايته الكاذبة.

استهدف الصحفي الفلسطيني؟
الصحافة في غزة مقاومة ثقافية ووجودية.
لم تكن الصحافة يومًا في فلسطين مجرد مهنة. إنها جزء من النسيج المقاوم. منذ النكبة وحتى اليوم، لعب الإعلام الفلسطيني دورًا رئيسيًا في الحفاظ على الذاكرة الوطنية، وتوثيق الانتهاكات، وتعزيز الهوية الفلسطينية. في غزة المحاصرة، يصبح نقل الحقيقة معركة يومية.
الاحتلال استهداف متعمد ومحسوب!
التقارير الحقوقية تؤكد أن استهداف الصحفيين الفلسطينيين لم يكن عشوائيًا. الطائرات الحربية الإسرائيلية قصفت بيوت إعلاميين مع عائلاتهم. القناصة استهدفوا صحفيين بوضوح رغم ارتدائهم زي الصحافة. المكاتب الإعلامية دُمّرت بالكامل، مثل برج الجلاء الذي كان يضم وكالات دولية.
الكلمة أقوى من القصف… الصحافة مقاومة!
رغم كل ذلك، لم ينكسر الصحفي الفلسطيني ، لم يتوقف بث غزة يومًا، ولم تُغلق عدسة أو يُطوى دفتر ؛ لأن الصحافة هنا ليست مهنة بل مقاومة ثقافية، وجودية، وطنية ، الصحفي الفلسطيني لا يعمل فقط لينقل، بل ليُثبت الوجود الفلسطيني ذاته.
الحصار الإعلامي وجه آخر للاحتلال!
إلى جانب الاستهداف العسكري، يعاني الصحفيون في غزة من حصار إعلامي خانق. يُمنعون من الوصول للمعدات الحديثة، وتُقيد حركة الصحفيين الأجانب للدخول إلى غزة. ورغم ذلك، يواصل الإعلام الفلسطيني العمل بإمكانات محدودة لكنها بإرادة لا تُقهر.
الإعلام المقاوم منصة للرواية الفلسطينية!
القنوات الفلسطينية المحلية، وصفحات الإعلام الشعبي على مواقع التواصل، كانت صمام أمان الرواية الفلسطينية. في ظل تواطؤ بعض وسائل الإعلام العالمية أو انحيازها، لعب الإعلام الفلسطيني دورًا في فضح جرائم الاحتلال وخلق رأي عام عالمي مساند.

وائل الدحدود
رسالة من دم غزة إلى ضمير العالم!
في يوم حرية الصحافة هذا، ندعو كل صحفي في العالم، وكل مؤسسة إعلامية، وكل مدافع عن الكلمة الحرة، أن يقف مع صحفيي فلسطين:
طالبوا بحماية دولية فورية للصحفيين الفلسطينيين.
افتحوا منصاتكم لصوت غزة المحاصر.
أوثقوا، أنشروا، اكسروا الحصار الإعلامي.
العدالة الغائبة: غياب المحاسبة الدولية
رغم كل الوثائق والإثباتات على جرائم الاحتلال بحق الصحفيين، لم تتم محاسبة أي مسؤول إسرائيلي حتى اللحظة. هذا الصمت الدولي يمنح الاحتلال ضوءًا أخضرًا للاستمرار في قتل الكلمة والصورة.
التضامن الدولي حاجة ملحّة…
اليوم أكثر من أي وقت مضى، يحتاج الصحفي الفلسطيني دعمًا حقيقيًا، قانونيًا وإعلاميًا. منظمات حقوق الإنسان، اتحادات الصحفيين، المنصات الإعلامية الحرة — جميعها مدعوة للوقوف الحازم.
نحو ميثاق شرف إعلامي عالمي لدعم غزة
ندعو لتبني ميثاق شرف عالمي يلتزم فيه الصحفيون والمؤسسات الإعلامية بنشر الحقيقة حول فلسطين، ومقاطعة أي جهة تدعم رواية الاحتلال، وضمان تمثيل عادل للرواية الفلسطينية.
الكلمة التي لا تُقتل!
في غزة، ربما يُغتال الصحفي، لكن لا تُغتال الرواية….ربما تنكسر الكاميرا، لكن لا تنكسر الحقيقة. اليوم، ونحن نحيي ذكرى اليوم العالمي لحرية الصحافة ، نقف إجلالًا لأرواح الصحفيين الفلسطينيين الذين سقطوا ليبقى صوت شعبهم عاليًا، وصورة وطنهم حاضرة.
لنُقسم أننا سنبقى نكتب….حتى آخر كلمة، حتى آخر صورة، حتى تنكسر القيود وتنتصر الحقيقة.