بقلم: أ.غادة محمد طبش
العودة إلى الديار رُغم الدّمار!
في صباح يوم الاثنين الموافق السادس والعشرين من يناير لعام 2025،تجهز النازحون المثقلون بالهموم والآلام والوجع وما تبقى من الذكريات والأحلام والآمال “للعودة إلى الديار رغم الدمار”.
هتافات وتكبيرات كأنه العيد في أول الدقائق ،دعوات وصلوات لأمهات وشاباتٍ على أمل العودة والراحةِ بعد الكد والتعب على مدار خمسة عشر شهراً.
أغاني وأناشيد محملة برائحة الشوق والحنين إلى تراب الوطن ،يشدو ويتغنى بها الكبار قبل الصغار بالرغم من التعب والألم المرافق لهذه الرحلة القاسية .
العودة إلى الديار هو “حلمٌ أشبه بالمستحيل ،واليوم بات واقعاً حقيقياً سهل المنال”.

الأرض ارضك
ثبت جذورگ في التراب فأنت باقٍ ها هنا
الأرض أرضگ يا فتى هذه البلاد بلادنا
قصائد وأناشيد تتغنى بها النساء أثناء المسير الطويل.
مشهد مهيب ربما يكون الأعظم والأكبر في تاريخ الصراع الفلسطيني والأكبر مما تخيله أبناء الشعب بكل أطيافه،تمثل عند اول انفراجة لفتحِ السياج الفاصل بين شمال وجنوب القطاع. اختلطت هنا دموع الألم على فقدان الأحبة والديار ،ودموع الفرحة للعودة واللقاء بالأحباب والأصدقاء ،وإفشال كافة المخططات والمؤامرات.
مُجددين بذلك الأمل في حق عودة النازحين أيضا المهجرين منذ عام 1948 إلى الأرض والبلاد.
ثمن باهظ دفعه سكان القطاع استمر 470 يوماً من الحرمان والخذلان والتهجير، ذاق فيه الغزي أصنافاً من العذاب والكسرة والحسرة ؛لكنهم لم يفقدوا أمل العودة يوماً ما .
مالايقل عن عشرة كيلومترات قطعها سكان الشمال المهجر سيراً على الأقدام ،غير مكترثين بالبرد والتعب والمرض وبالحال التي سيكونون عليها فور وصولهم ،فقط جُلّ أمانيهم هو أن تطأ أقدامهم تراب الوطن الحبيب .
لوحة من الوطنية والإنتماء اكتملت اليوم فور لحظة الوصول إلى الديار حتى وان أمست البيوت حطاماً ،النوم تحت ظل سقفه المحطم ،والتشبت بالبيت الذي تحول إلى ركام فهو يحمل في ثناياه ذكرياتٌ وأحلامٌ وقهرٌ ووجع لا حدود لها .
يأتي يوم العودة بالتزامن مع ذكرى الإسراء والمعراج في 27 من شهرِ رجب، ليجدد الأمل بأن هذه الأمة هي أمة باقية متجذرة في أوطانها ،لا ينالُ من عزيمتها محتل ،ولا يستطيع قهرها خائنٌ ذليل،ولا يُساوم على ذرة ترابها منافقٌ رخيص.

العودة للديار
لتتجدد الذكرى بأن طوفان الأقصى هو طوفانٌ صنع مجداً يُضاف إلى سلسلة تضحياتِ
شعب عظيم.