بقلم أ. غادة طبش
في صباح يوم الأحد الموافق التاسع عشر من يناير لعام 2025، يستفيق أهل غزة المكلومون على بُشرى وقف إطلاق النار بعد ما يقارب خمسة عشر شهراً من القتل والدمار والخراب والتهجير والمجاعة والفقر.
ربما لم يستطع النوم الأغلبية منهم، فلقد بات حلم العودة إلى الديار والبيت والذكريات حلماً أشبه بالمستحيل كما يسمّيه البعض في ظل التخاذل والصمت العربي والغربي على ما يحدث في غزة.
بدأ اليوم بالتكبيرات والتهليل والحمد ليس للانتصار، بل للنجاة من الموت، فهذه المعركة كُتب عليها أن لا تُبقي ولا تذر، ولا يسلم منها البشر والشجر والحجر؛ بل هي رحلة “وجع على وجع” ذاق فيها الغزّي كل أصناف العذاب والألم والقهر، وتجرع مرارة الحرمان في كأسٍ مكسورة الحواف، فتحولت أحلام شبابها ورجالها، أطفالها ونسائها إلى كوابيس تنهش ذاكرتهم المسلوبة وأرواحهم المتعبة.
فقط هنا في غزة فاق الوجع كل كلمات الرثاء،
وتعدّى الصبر كل الحدود والتخيّلات!
قصصٌ بدأت وانتهت ما بين الكواليس المرعبة في غزة، والنهايات القاسية خلال الحرب، ومنها قصص لم يُكتب لها الظهور؛ بل دُفنت بكل تفاصيلها أثناء الحرب، فلم يعد الكاتب والشاهد والشخصيات على أرض الواقع، وهناك قصص لم تبدأ فصولها بعد. أحداثٌ ستروي نفسها بنفسها بعد الحرب قد شهدت مأساة شخصياتها وقهر أصحابها وذويهم، أحداث ستروي “وجعٌ على وجع” يتراكم على القلب والعقل والروح لتسرد لنا أحداث وويلات تعتقد للوهلة الأولى أنها من نسج الخيال؛ لكنها في حقيقة الأمر هي ضريبة البقاء والثبات.
وجع ما في القلوب، الأن ما بين السطور!
جميل… الى الامام