بقلم: أ. فريد حجازي القصاص
محامٍ، ماجستير قانون عام
تتعدد زوايا النظر في إطار التفكير بمرحلة ما بعد العدوان الأخير على غزة والذي لا زلنا نعيش آثاره المختلفة و الممتدة، وغنيٌ عن التبيان أبرز المجالات التي قد يخوض بها الباحثون فعلى سبيل المثال لا الحصر هناك ملف الإيواء لاحتواء مأساة أهل الخيام، ملف الأيتام و الأسر فاقدة المعيل، التعليم، الصحة، الإعمار، القضاء…
ولكن ثمة ملف أساس قديم متجدد لا تحن لسماعه آذان الكثير من الفاعلين في الواقع الفلسطيني، فهو الملف الشائك، والذي لا شك أنه يمثل في اعتقادي السبب الثاني بعد الاحتلال في تشكيل هذا الواقع الأليم:
إنه ملف “أزمة البرنامج الوطني الواحد” فلطالما شكل التباين السياسي والتعددية و الأحزاب مظاهر للديمقراطية في كل أصقاع المعمورة تقريباً، لكنها على النقيض من ذلك في فلسطين، فلقد كانت هذه التباينات في البرامج الوطنية والتي كانت تغذيها طموحات السيطرة والهيمنة مسبباً لفوات الفرص ومجلبةً للتردي والدمار.

البؤس الفلسطيني
والسؤال هنا:
ألا يجدر بدماء الآلاف وتضحيات الملايين من أبناء شعبنا أن تكون مدعاة للتفكير الجدي والحقيقي لوضع حد لحالة الانقسام السياسي الفلسطيني وتحقيق حلم الدولة الفلسطينية!؟
ألا يجدر بها أن تشكل انطلاقة صادقة تترجمها الفصائل الفلسطينية نحو توحيد الصفوف خلف برنامج وطني واحد؟!
من يسمع صوت هذا الشعب،ومن يحقق إرادته!؟
وبدون سرد تاريخي أقول إن إرادة الشعب الفلسطيني نجحت في صد الاحتلال ومخططاته، ولكنها مكبلة وعاجزة في سياق احداث تحول على الصعيد الداخلي، لقد آن لنا أن نقول “إن دور أبناء شعبنا لا يجب أن يظل محصوراً بتقديمه للدماء، بل إنه قادر على إحداث أثر وهو على قيد الحياة بالافصاح عن إرادته وانفاذها، إنها الرسالة التي يجب أن تجد لها أثراً في قلب كل شريف”.
فإن لم يكن هذا فستعدو كل الحلول المقترحة لكافة الملفات السالف ذكرها وغيرها بلا جدوى وستكمن العلة في اختيار علاجها.
و هنا أستذكر مقولة من إحدى قصائدي و اراها تعبر عن حال المواطن الفلسطيني وهو الذي تجرع السم ويبحث عن ترياقه:
أين الشفاء وعلتي ترياقي؟!
فالأصعب من علة تجرع السم هو عدم فاعلية ما كت تحسبه ترياقاً.