بقلم: أ. فريد حجازي القصاص
ماجستر قانون عام
قبل خمسة أعوام كنت مديراً تنفيذياً ومستشاراً لدى الحملة الوطنية لمفقودي نكسة عام 1967، ولقد عملت ميدانياً مع فريقي في التواصل مع أهالي المفقودين وجمع البيانات، في محاولة لتسليط الضوء على هذا الملف، ولقد كان في ذلك الحين مصطلح (مفقود) صادم بالنسبة لشاب في عمري لم يعاصر تلك الحقبة، بل إنني في ذلك الحين لم أكن أتصور احتمالية تكرار هذه الحالة، ولقد كان مناط استبعادي ليس مراهنة على أخلاقيات المحتل بقدر ما هو صعوبة تشكيل تصور عن هذا السيناريو في هذا الزمان الذي تحول فيه العالم إلى قرية صغيرة وقد كنت أراهن على صحوة في الضمير العالمي قد تحول دون حدوث ذلك، إلى حين ما حصل بعد السابع من أكتوبر، ما أود الوصول إليه في هذا المقال، أن أضع القارئ الفاضل في مشهدية مرور عشرات السنين على ابن أباه مفقود أو أخ أو أخت… يا لهول عذاباتهم على قدر ما يحملون من أمل في عودة أحبابهم أو حتى بلوغهم خبر ارتحالهم عن الدنيا، إنها شعلة من اللهب مستعرة لا تنطفئ، تغذيها الآمال والظنون التوقعات و الرجاءات.
إن شعبنا يشهد وقف إطلاق النار و لكنه لا يزال يعاني من الآثار المستمرة لهذه العدوانات الوحشية الغاشمة، والتي تتصدر أبشع الممارسات على مر العصور والمتمثلة في الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والفصل العنصري والابعاد والتهجير القسري والتشريد.

اثار الحرب على غزة
وعلى كل ما تقدم فإنني أطالب من الجهات الرسمية وغير الرسمية أن تولي الاهتمام البالغ في هذا الملف من خلال تشكيل لجنة متخصصة للبحث والتقصي والحشد والضغط والمناصرة، بجمع البيانات والتوثيق والتتبع سيما وأنه لا يوجد عدد واضح المفقودين وما يؤزم مسألة الحصر أيضاً وجود عدد كبير من الجثث مجهولي الهوية، وهو ما يؤكد ضرورة العمل الميداني الدؤوب وصولاً إلى حصر الأعداد إن أمكن و إعادة بناء حالة من الاستقرار النفسي والمجتمعي لهذه الشريحة من المجتمع التي تتلهف لسماع خبر عن مفقوديها.