بقلم: د. أحمد هشام حلس
رئيس المعهد الوطني للبيئة والتنمية “نيد”
رسالتي الى قيادة السلطة وقيادة حماااس… وسنقف جميعا امام الله عز وجل يوم العرض ويوم الحساب, وساحاججكم بها في حضرة الملك الجبار جل في علاه….
قد تعتبرونها خارطة طريق نحو الخروج من هذه الكارثة…
ما يزال تناقضنا الحقيقي والرئيسي وخلافنا الأساسي دائما وأبدا مع هذا الاحتلااال الحقير والمتغطرس والمجرم, بظلمه التاريخي والعميق لنا, وبسجله الأسود الحافل والمتخم بدماء الأطفال والنساء والشيوخ الأبرياء, تاريخه الدموي المزدحم بالجرائم والمجازر والفجور تجاه شعبنا بكل مكوناته وفئاته وفصائله وأحزابه عبر قرابة قرن من الزمان وحتى اليوم….
ولكن هذا لا يعني أبدا أننا لا نرتكب من الأخطاء ما يرتقي إلى مستوى الجرائم المدمرة بحق انفسنا, أخطاء قاتلة ومميته تسحقنا عن آخرنا, وتتهدد بقاءنا على أرضنا كشعب بالكامل. إن المراجعة واللوم وتوجيه الاتهامات بالتقصير والخطأ تجاه بعضنا البعض والمطالبة بالمحاسبة والتصويب والتقييم والتقويم ومعاقبة المخطئين أبدا أبدا لا يعني مطلقا تخوين أو إلغاء صفة الانتماء للوطن والسعي نحو التحرر من هذا المحتل الحقير لدى أي طرف من اطراف النضال الفلسطيني, هذا طبعا إن حسنت النوايا والانتماءات, فالخلاف هنا وعلى الدوام يكون على الأدوات والتوقيتات والأساليب والطرق المتبعة, وهذا لا يعني مرة أخرى التشكيك في الأهداف والغايات والطموحات النهائية المرجو تحقيقها…
إن جزء كبير من هذه المصيبة التي نحن فيها اليوم قد يتجاوز معضلة الاحتلال المزمن بمراحل في مسبباتها وتبريراتها وحتى التسويق لها محليا ودوليا, لتستقر في نهاية المطاف كصخرة هائلة في حجرنا بكامل تخبطنا وتفردنا وعنجهيتنا وسوء تقديرنا لقوتنا وقوة خصمنا ونوع وطبيعة تحالفاتنا التي ثبت هشاشتها بعد الغرق الأكبر الذي حصل, كما أننا نمارس وبكل قلة أدب وإسفاف وتخلف عملية إنكار ممنهجة للآخر, بنضاله وتجاربه وعلاقاته وخبراته التي لا يمكن لنا التقدم نحو أهدافنا الوطنية العليا عبر تجاهلها والتشكيك في صدقها ودون الاستفادة منها والمراكمة عليها…. ما وصلنا اليه اليوم من إبادة غير مسبوقة على مر التاريخ البشري, هو نتاج سنوات طويلة من التفكك والانقسام والتشرذم, سنوات من التحقير والازدراء والتخوين والشيطنة للكل الآخر, للجميع الآخر, عملية كي ممنهجة لوعي أبناء الحزب والحركة والفصيل وإعادة برمجتهم تجاه شركاء في الحقيقة هم أساسيون في النضال, وإعادة بناء حقد وكره متين لدى أبناء الفصيل يزداد حجمه مع مرور الوقت,,,, كان بيننا عشرات آلاف القواسم المشتركة وأدوات التجميع والتقريب والتعاضد, القينا بها جميعا في المزبلة, وذهبنا نحو الخلاف والتصادم والقتال, وعمقناه وأصلناه بكمية هائلة من البهارات والتزويق, عبر أفكار غاية في التخلف والغباء والحماقة, التي حملها مجموعة من الأبواق البلهاء الناعقة والخبيثة من قيادات الحركة نزولنا إلى القواعد الأكثر غباء وانقياد, عززوا في أذهان الناس مخاوف واعتبارات لم تكن موجودة أصلا, فضلا عن أنها لم تكن أبدا وفي أي يوم من الأيام وعبر تاريخ قضيتنا قد تصل إلى واحد من المليون من الخسارة والضياع الذي وصلنا اليه اليوم,,, والنتيجة في نهاية المطاف, مفرقين, كل جهة على جهة, نراقب غرق بعضنا البعض, إما حزين وعاجز, أو شامت ومتشفى, والخاسر الأكبر هو أنا وأنت, موتي وموتك وموت ابني وابنك وبنتي وبنتك وضياع مالي ومالك وخراب بيتي وبيتك واحتلال ارضي وأرضك, حتى أصبحت دماؤنا برخص التراب, وعالم من حولنا لا يرانا أبدا, وعدو يقتات ويتغذى على دماء أطفالنا صباح مساء, بلا رحمة…. نحن الآن في ورطة ما بعدها ولا قبلها من ورطة… نموت كل يوم بالجملة, ولا حول لنا ولا قوة, وحولنا بعض المرضى النفسيين الموهومين والمنتشين الذين يسكرون ويرقصون على جثثنا ويشاهدوا مباراة موتنا بالهتاف والزعيق والتشجيع والدعم الفارغ والتافه, الذي لا يوقف موتنا ولا يحمي أرضنا…
فما الحل ؟
وكيف الخلاص من هذه الورطة؟
إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم…
علينا تغيير كل الأدوات وكافة الطرق والأساليب حتى نصنع فرقا, ونوقف هذا الموت… علنيا تغيير حتى الأشخاص الذين أوكلت اليهم مهام إنهاء الانقسام في السابق, جميعا بلال استثناء, فاستخدام نفس مقادير وخطوات عمل المقلوبة أبدا لن يعطينا في النهاية قدرة أو فتة, وعصر الليمون بكل قوة مرارا وتكرارا لن ينتج برتقال…
علينا فورا تنفيذ الخطوات التالية:
– على السلطة الوطنية الفلسطينية الأب الجامع للكل الفلسطيني, منح كافة أبناء وأفراد حركة حماااس شبكة أمان وظيفية ومالية كاملة, مع ضمان تغطية رواتبهم من خلال السلطة بالتعاون مع كل الدول العربية والمانحين الذين قد يساهموا في هذا الاطار, وان لم تتمكن السلطة من جمع ما يكفي من مال, فلتقسم فاتورة الرواتب على الجميع بما يضمن وصول نسبة عادلة من الراتب لكافة أبناء الوطن, دون أي تمييز حزبي أو مناطقي, وهذا إجراء عاجل ومباشر دون تأجيل أو تسييف, مع تشكيل لجنة حكومية في ذات الوقت تعمل وبشكل موازي لتسوية أوضاعهم القانونية والعمل على تسكينهم في الوزارات والدوائر حسب التخصص والأصول المرجعية لكل موظف, دون استثناء مع ضمان وصول الراتب لكل موظف, فالراتب حق لأسرة الموظف وزوجته وأطفاله…
– منحهم جميع أبناء حركة حمااااس عفوا عاما وإعطائهم غطاء قانوني وحماية ضد أي ملاحقات قضائية في المستقبل ضمن قرار رئاسي ملزم ونافذ فور الصدور ولا يقبل الاستئناف أو التجميد أو الإلغاء, يصدر من رئاسة السلطة, ويعمم على جميع الدوائر الحكومية وغير الحكومية…
– إعلان تعيين وزراء أكفاء وذوي خبرة عالية وأيدي نظيفة بحقائب واضحة وصريحة لملفات غزة كافة ضمن التشكيلة الوزارية الحالية, وزراء من داخل غزة, يناط بهم إدارة ومعالجة كافة ملفات غزة المعقدة, ضمن خطط عاجلة ومتوسطة وطويلة الأمد يتم تقديمها فورا ومن خلال كل وزير إلى مجلس الوزراء للعمل على تبنيها وتمويلها وتنفيذها, على كافة المستويات, الإغاثي والإنساني, الملاجئ والغذاء والمياه والصحة والتعليم وتحسين سبل العيش الطارئة, ثم إعادة الإعمار بالتوازي مع إزالة الركام, الخ الخ الخ …
– على حركة حماسس وبشكل فوري وعاجل وصريح ومباشر إعلان تسليم قطاع غزة بالكامل إلى السلطة الوطنية, والتخلي عن الحكم بكل تفاصيله, دون مراوغة أو تسييف أو مماطلة أو محاولة الالتفاف على القرار, التخلي عن حكم غزة بشكل حقيقي يراه الناس اجمع في الداخل والخارج, ويتم تصويره وإعلانه على وسائل الإعلام, إعلان عبقري سيضع الحقير نتنياهوا وكل عصابته في الزاوية أمام العالم, ضمن حفل مهيب وتسليم وتسلم بتواجد جماهيري حاشد يرسل رسائل للعالم باسره في كافة الاتجاهات, كما وتعلن حمااس عدم نيتها الانخراط او المشاركة في اي عمل حكومي او سياسي او امني او حتى إداري في غزة, اخلاء مسؤولية كامل وشامل, ومنح السلطة فرصة محاولة إثبات حكم القطاع أمام العالم وسحب كافة الذرائع التي يقتلنا بها الاحتلال ومن معه…
– على حماس وبشكل عاجل وفوري تسليم كافة المحتجزين في قطاع غزة إلى السلطة الوطنية الفلسطينية, تكبير أخوك بيكبرك, واحترامه بيزيد احترام العالم الك, على ان تعمل السلطة مع كافة الشركاء وعلى رأسهم الدولة المصرية وبكل حكمة واتزان وثقة على إدارة ملف المحتجزين وبشكل سريع لإطلاق اكبر عدد ممكن من أسرانا البواسل من سجون الاحتلاااال, ولكن ليس على حساب دماء أبناء شعبنا في غزة او على حساب استمرار الإبادة, الأمر الذي رفضه الأسرى انفسهم منذ البداية…
– وضع كافة الوسطاء في صورة انسحاب حماااس من المشهد في غزة وتسليم الرهائن, والسعي لاستثمار كل هذه الخطوات الكبيرة دوليا وإقليميا والضغط على الاحتلال بكل قوة لمنح السلطة فرصة ضبط الأمن وإدارة شؤون غزة الميدانية وبالتنسيق المباشر وبشكل مرحلي مع كافة الأطراف بما فيها الاحتلال نفسه, وعدم إعفائه من مسؤولياته تجاه شعب اعزل يرزح تحت الاحتلال, والعمل وبكل قوة ضد رواية الاحتلااال تجاه غزة وتفنيد كل الذرائع والمبررات التي يسوقها الاحتلااال لتبرير قتلنا أمام العالم…
– الدخول فورا في عملية تطوير وتفصيل خطط إغاثة المنكوبين بشكل طارئ لمدة لا تقل عن سنة, واطلاق مؤتمرات دولية لاستجلاب التمويلات اللازمة لإعادة الإعمار وإعادة تصليح ما تم تخريبه, وتشكيل لجان عنقودية تعتمد على العمل المناطقي في كافة القطاعات الغذائية والطبية والتعليمية والتسكين وبناء الملاجئ والمياه والصحة العامة وإدارة الركام والتفايات الصلبة وتوفير الكاش وتشغيل المصارف والبنوك الخ الخ الخ…
– على السلطة تشكيل فرق شرطية عاجلة تابعة للسلطة يناط بها حفظ الأمن وضبط وتنسيق توزيع المساعدات الإغاثية على اختلاف أنواعها ضمن لجان حكومية بالتعاون والتنسيق مع كافة مؤسسات المجتمع المدني ذات الكفاءة والمصداقية التي تعمل في كافة مدن وأحياء القطاع.. لتحضير الكشوفات والأسماء والتوزيع مع مراعات المبادئ الأساسية للعمل الإنساني ومعايير حقوق الانسان…
– توقيع الاتفاقات وتثبيت بنودها من خلال رعاية جامعة الدول العربية بقيادة الدولة المصرية, بعد إخفاء وإظهار حسن النوايا والصدق والإخلاص من قبل كافة الأطراف مع وجود ما يلزم من الضمانات والتربيطات اعتقد جازما أننا سنصنع فرقا هائلا قد نراه واقعا ملموسا في غزة, بين الخيام وفي عيون الأطفال والنساء.
ارجو ان يصل صوتي الى صناع القرار, ارجو ان نبدأ في هذا الاتجاه علنا نحمي طفلا من الموت او امرأة من ذل او شيخا من قهر…
أقول قولي هذا وادعوا الله لي ولكم ان يرزقنا سبيل الرشاد…
والله من وراء القصد…