بقلم: أ. صائب جمال أبو جزر
ماجستير قانون عام
وهنا يجب ان تعلم بأن الخازوق هو احد أدوات التعذيب التي اُستخدمت قديمًا، وتعتبر واحدة من اشد أدوات الإعدام قساوتًا والمًا… والشبه بين هذه الألة والإنقسام الفلسطيني هو التعذيب، ولك ان تتخيل صُنوف العذاب التي عانى ويعاني منها الفلسطينيون حتى هذه اللحظة.

الخازوق كأداة تعذيب
في هاذا اليوم وقبل ما يزيد عن السنة هناك شعب رأى من صنوف العذاب ما فاق العقل، وحد الخيال، شعب يرى الموت في كل وقت وحين، وإن كان الخازوق هو واحد من اقسى صنوف الإعدام استخداما قديما، إلا ان نهايته الموت المحتم لا محالة وما هي إلا لحظات، لكن ما سببه الإنقسام وبالتبعية من عذاب لا نهاية له، أو هناك نهاية فربما تكون النهاية مزيد من العذاب أو عذاب جديد، ف:
– وأن تقف في طابور لا يُرى اوله من آخره للحصول على طعام وشراب عذاب.
– أن تنتظر عودة ابناءك وفلذات اكبادك من ساحات القتال عذاب.
– أن ترى الموت في كل وقت وبكل مكان عذاب.
– وان ترى الكلاب والقطط تأكل لحم البشر، والبشر يأكلون لحم القطط والكلاب والحمير وحتى اعلافها عذاب.
– أن تشاهد أصدقاء وعائلات يدفنون بالكيلو لان من المستحيل جمع اطرافهم في كفن واحد عذاب.
– أن ترى ابناءك يرتجفون من شدة البرد، ويتصببون عرقا من شدة الحر عذاب.
– أن لا يبقى لك بيت ولا مأوى عذاب.
وهناك من العذابات التي تفرد لها الصحف والأوراق ولا تنتهي، فحقا الواقع مؤلم ووصفه يشعرك بالعيش فيه اكثر من حقيقة انك تعيش فيه لانك تصف حياتك وحيات الاخرين.

دمرت غزة
ففي البداية يجب أن نعلم بأن لكل فعل ردة فعل، ولكل فعل وردت فعل نتيجة، وقد تكون نتائج، وما يحدث الآن في فلسطين، وغزة تحديدا ما هو الا نتيجة الإستهانة في علاج أساس المرض الفلسطيني “الإنقسام”، الإنقسام الذي لا شفاء منه حتى الآن، اتعلم لماذا؟
الجواب ببساطة واختصار: اننا اوكلنا للحزبية المطلقة زمام الامور، والقائمين على الحزبية أوكلوا لانفسهم عناء الحفاظ على مناصبهم، وفي ذلك تنافس المتنافسون. وسبب اخر اننا اخطأنا بالرهان على وعي المواطن، وعلى عدالة العالم.
فلماذا كان الانقلاب أو “الانقسام الفلسطيني” أو “الحسم العسكري”؟
لكل طرف وجهة نظر مبنية على أُسس تصدق عند سماعها، لكن في حال البحث عن الحقيقة والتقصي عنها نجد حركة حماس أخطأت في تبني هذا الطريق الذي سلكته منتهجة فكرة العنف سبيلا ومنهجا، قاصدة بذلك التخويف لبناء الجسم الداخلي للدولة، دون الاكتراث لماهية الحقوق المشروعة للشعب الذي يلقى على كاهله عناء الصبر والثبات امام عدو لا يعرف للحق ولا العدل يوما طريق.
معززة وجودها عن طريق اعلان ان السلاح والمقاومة المسلحة هو الطريق الأوحد لتحرير فلسطين، كل فلسطين، متناسية اننا لا نمتلك مقومات هذا الخيار سوى الشعار، وكل ما نملكه هو منهج القران الذي يغذي الروح لو استخدم لصالح البناء لا للتغني والتجارة به، واعتباره شعارا، ووسيلة للحشد والبناء الحزبي فقط.
اما عن حركة فتح حديثا، فقد أخطأت في تبني السلام طريقا وحيدا للوصول لحل، وتحرير فلسطين، واخطأت من البداية عندما راهنة على ان الانقلاب لن يوصل لانقسام طويل، يكهل عناء الوطن والمواطن، لم تتحقق من وجود اجندات اول خطواتها “الانقسام الفلسطيني يجب أن يكون” ونحن سنغذي هذا الانقسام، وسوف نعزز وجوده من خلال:
1. التخوين الحزبي، وتبني الحزبية المطلقة من قبل الشعب.
2. اعتبار ان الشعب أداة من أدوات تغذية الحزب عدديا، ووسيلة للتفاخر العددي فقط.
3. نشر الفقر، والمرض، والجهل.
4. ارهاق الشعب بالعدوان “او الحروب قصيرة المدى”.
5. إلهاء المواطن بالمقومات الأساسية للحياة “الطعام، الشراب، المسكن”.
6. إيصال فكرة لجيل الشباب ان الحل هو الهجرة، لا شيء سواها.
وبذلك نسأل هل يكفي اليوم ما يزيد عن 60.000 شهيد لنثبث اننا اخطأنا في تبني الحزبية وسيلة للتحرر، اخطأنا في الاهتمام ببناء حزب تحرري، دون الوعي لبناء دولة متبنية فكرة الحرية أولا ثم الحزبية ان لزمت، 60.000 شهيد على الأقل في العدوان الأخير فقط، والعدوان لا زال مستمر والعدد قابل للزيادة.
فعن أي حرية نتحدث اليوم؟ لانه لو رغبنا في الحديث عن الحرية يجب ان نتحدث عن التحرر من الحزبية المطلقة التي اوصلتنا لما نحن فيه، فلك ان تتخيل عزيزي القارئ اننا لو كان اهتمامنا بانهاء الانقسامـــ بقدر اهتمامنا بإثبات صحة وجهات النظر الحزبية؟ لكان خيرًا لنا، و…