بقلم: أ. علي محمود حسن أبو علي
بكالوريوس التاريخ والعلوم السياسية
باحث ماجستير الدبلوماسية والعلاقات الدولية
السابع من أكتوبر ليس مجرد تاريخ عابر في الذاكرة، بل هو انعكاس لسبعة وسبعين عامًا من الظلم والقهر الذي مارسه الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني. لفهم هذا اليوم وما يمثله، لا بد من العودة إلى الماضي، حيث عاش الفلسطيني في أرضه، متشبثًا بجذوره، رغم كل محاولات الاقتلاع والتهجير.
في عام 1948، أُعلن قيام دولة إسرائيل، مما أدى إلى تهجير أكثر من سبعمائة ألف فلسطيني عن بيوتهم وأراضيهم. كانت النكبة بداية مأساة مستمرة، حيث ارتُكبت مجازر مروعة مثل مجزرة دير ياسين، التي أصبحت رمزًا للوحشية التي واجهها الفلسطينيون. هذه الأحداث لم تكن مجرد لحظات عابرة، بل كانت بداية لسياسة ممنهجة تهدف إلى اقتلاع الفلسطينيين من جذورهم.

فلسطين ونكبة 1948
بعد حرب عام 1967، توسعت رقعة الاحتلال الإسرائيلي لتشمل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية. هذا الاحتلال كان انتهاكًا صارخًا لقرارات الأمم المتحدة التي دعت إلى الانسحاب من الأراضي المحتلة. ومع ذلك، استمرت إسرائيل في توسعها الاستيطاني، متجاهلة قرارات مجلس الأمن التي اعتبرت هذه المستوطنات غير قانونية. لم يقتصر الأمر على ذلك، بل قامت إسرائيل ببناء الجدار العازل في الضفة الغربية، الذي فصل الفلسطينيين عن أراضيهم ومصادر رزقهم. وفي عام 2004، اعتبرت محكمة العدل الدولية هذا الجدار غير قانوني، لكن إسرائيل استمرت في تجاهلها للقوانين الدولية.
إلى جانب ذلك، يعاني الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية من ظروف قاسية تنتهك حقوق الإنسان. تضم هذه السجون أكثر من عشرة آلاف أسير، بينهم مئات الأطفال والنساء. يعيش هؤلاء الأسرى في ظروف لا إنسانية، تعكس قسوة الاحتلال وعدم احترامه للقوانين الدولية.
أما قطاع غزة، فقد فرضت إسرائيل عليه حصارًا خانقًا منذ عام 2007، مما أدى إلى أزمات إنسانية لا تعد ولا تحصى. هذا الحصار تسبب في نقص حاد في الموارد الأساسية مثل الغذاء والدواء، وجعل الحياة اليومية للفلسطينيين في القطاع أشبه بكفاح مستمر من أجل البقاء.

الاحتلال في غزة
وفي السنوات الأخيرة، شهدت المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين تعديات مستمرة، بما في ذلك تدنيس المسجد الأقصى وإقامة شعائر يهودية فيه. هذه التعديات أثارت غضب الفلسطينيين والعالم الإسلامي، لكنها لم تلقَ ردعًا دوليًا حقيقيًا.
وسط هذه الانتهاكات، خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام العالم ليعرض خريطة توسعية لإسرائيل ويرسم ما أسماه “الشرق الأوسط الجديد”. في الوقت نفسه، شهدت المنطقة موجة تطبيع عربي مع إسرائيل، مما زاد من تعقيد الوضع وأثار تساؤلات حول مستقبل القضية الفلسطينية. ليصرح أخيرًا بأن لا لحماس ولا لفتح ولا لمنظمة التحرير ولا لأي كيان موحد للفلسطينيين داخل فلسطين.
في ظل هذه الظروف، جاء السابع من أكتوبر كنتيجة طبيعية لهذه الانتهاكات اليومية بحق الفلسطينيين. هذا الكيان الاستعماري الصهيوني الإحلالي الذي لا يشبع، صاغ حملته في الإبادة تحت ذريعة القضاء على حماس، مستهدفًا المدنيين على مدار أكثر من 18 شهرًا، حتى الجنين في رحم أمه لم يسلم. أعدامات ميدانية بدم بارد لمدنيين وآخرها إعدام عمال الإغاثة مسعفين الهلال الأحمر ورجال الدفاع المدني ودفنهم، تفتيش وخلع ملابس النساء أمام أزواجهن واغتصابهن
آلاف المشاهد التي لا يتخيلها العقل البشري من كمية التعديات والانتهكات اليومية على مدار التطهير العرقي.

السابع من اكتوبر
فهل يتساوى المجرم بالضحية؟!
نحن أصحاب الأرض مهما اختلفت الرايات وتعددت الفصائل، الهدف واحد وهو حق الشعب الفلسطيني في استرداد أرضه وقيام دولته التي اقرتها جميع المحافل الدولية والتي تملصت منها اسرائيل .
السابع من أكتوبر هو انعكاس للظلم المستمر الذي يعيشه الفلسطينيون منذ عقود. إنه دعوة للعالم للتوقف والتفكير في معاناة شعب بأكمله، يمارس بحقه التطهير العرقي أمام شاشات العالم منذ أكثر من سبعة وسبعين عامًا. إنه دعوة لصحوة الضمير العربي، وعدم إعطاء مبرر لهذا الاحتلال في التمادي بجرائمه التي تعدت حدود فلسطين وأصبح يضرب في لبنان وسوريا واليمن.
الخاتمة:
السابع من أكتوبر ليس مجرد يوم في التاريخ، بل هو صرخة حق في وجه الظلم والاحتلال. إنه تذكير للعالم بأن القضية الفلسطينية ليست قضية شعب واحد، بل قضية إنسانية تستحق الدعم والوقوف بجانبها. علينا أن نؤمن بأن بعد العسر يسرا، وأن نعمل معًا من أجل تحقيق العدالة والحرية للشعب الفلسطيني.