القلم الفلسطيني
  • الرئيسية

  • المقالات

  • الأبحاث

  • القصص

  • الأنشطة والفعاليات

  • تواصل معنا

  • الرئيسية

  • المقالات

  • الأبحاث

  • القصص

  • الأنشطة والفعاليات

  • تواصل معنا

بين الحرف والقذيفة: رواية جيلٍ حُرم من الطفولة والتعليم!

بين الحرف والقذيفة: رواية جيلٍ حُرم من الطفولة والتعليم!
21/04/2025 | 0 تعليقات

أ. احمد خالد العايدي

محام، باحث قانوني.

 

المقدمة:

في غزة، لم يكن استهداف المدارس فعلاً عشوائيًا ناتجًا عن “خطأ عسكري”، بل ممارسةً ممنهجة تُعبّر عن فلسفة قصفٍ تُجرّد المكان من معناه، والإنسان من مستقبله في هذا القطاع المحاصر منذ أكثر من 17 عاما لم تكن المدرسة مؤسسة تعليمية فحسب بل ملاذًا مدنيًا أخيرًا، ومجالًا حيويًا لنمو الوعي في بيئةٍ تقف على هامش الحياة.

الطفل في غزة لا يرتاد المدرسة كجزء من روتين يومي، بل كفعل مقاومة ناعم ضد التهميش،
وضد الانقراض التدريجي المفروض بحكم الجغرافيا والسياسة والسلاح.

لهذا، حين أُعلنت الحرب في السابع من أكتوبر لم تتأخر الصواريخ في استهداف المدارس، لا لأن فيها “خطرًا ميدانيًا”، بل لأن فيها احتمالًا مُخيفًا: أن يواصل الطفل الفلسطيني قراءة اسمه بصوت عالٍ.

“في غزة، لا يُمنَح الحرف فرصةً لينمو، بل يُستهدف قبل أن يُنطق، ويُمحى قبل أن يُقرأ.”

ما جرى لا يمكن تأطيره ضمن خانة “الأضرار الجانبية” أو “خسائر العمليات العسكرية”، بل يتجاوز ذلك إلى جريمة ممنهجة ضد التعليم، وضد الحق الإنساني في المعرفة، وضد البنية التحتية المدنية المحمية بموجب اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني.

إن تدمير مئات المدارس، ومقتل آلاف الطلبة، وتهجير عشرات الآلاف من الطلاب والمعلمين،
لا يمثل فقط كارثة تربوية بل فصلًا فاضحًا في انهيار المنظومة الأخلاقية الدولية.

وهذا النص ليس محاولة وصفية، بل مرافعة مكتوبة ضد خطاب التطبيع مع الجريمة، وضد لغة الحياد التي لا تحمي المدنيين، بل تغسل يد الجلّاد.

قبل الحرب: التعليم في غزة بين الإصرار والانهيار الصامت:

قبل أن يسقط أول صاروخ في السابع من أكتوبر، كان النظام التعليمي في غزة يعيش في حالة من التحدي الصامت، ليس تحديًا تقنيًا، بل صراعًا يوميًا مع الحصار، والضغط النفسي، وشح الموارد.

  • ما يزيد عن 600 ألف طالب،
  • وقرابة 20 ألف معلم ومعلمة،
  • موزّعين على أكثر من 625 مدرسة، بين حكومية وأممية وخاصة، كانوا يُديرون عامًا دراسيًا لا يشبه الأعوام الدراسية في أي مكانٍ آخر من العالم.

المدرسة في غزة لم تكن مرفقًا تربويًا فقط، بل ملاذًا نفسيًا ومجتمعيًا، تُمارس فيه الحياة بشروطها الدنيا، وتُستعاد فيه كرامة الطفولة كل صباح رغم كل شيء.

التعليم في غزة

التعليم في غزة

مؤشرات حقيقية… رغم الحصار!

  • نسب النجاح في الثانوية العامة كانت تُظهر تفوقًا واضحًا رغم الظروف القاهرة.
  • المسابقات الدولية، والإنجازات الفردية، أثبتت أن العقول تعمل حتى لو خنق الجسد.
  • مئات الطلاب حصلوا على منح خارجية، وكثير منهم عاد ليُعلّم في نفس المدارس التي تربّى فيها فرغم الحصار لم تُقهر المعرفة، فعلى مدى السنوات التي سبقت الحرب، سجّلت الجامعات الفلسطينية طفرة أكاديمية نادرة في بيئة تُصنَّف من بين الأشد تقييدًا عالميًا، فنجحت بخطط مدروسة وعزيمة متراكمة في تجاوز العزلة الجغرافية وبناء جسور علمية عابرة للحدود:
  • برامج زمالة وتبادل أكاديمي تم إطلاقها مع جامعات دولية مرموقة.
  • تخصصات عليا لم تكن متاحة سابقًا – كالطب، وعلوم الأعصاب، والهندسة الطبية – باتت واقعًا أكاديميًا.
  • مئات الخريجين التحقوا بجامعات دولية في أوروبا وأمريكا وكندا،
    وعاد كثيرون منهم ليعيدوا ضخّ المعرفة في ذات القاعات التي خرجوا منها، هذا المسار لم يقتصر على التعليم العالي، بل امتد إلى طلبة الثانوية العامة، ممن تمكّنوا من تمثيل فلسطين في محافل علمية دولية، والمشاركة في منصات تنافسية، رغم هشاشة البنية وغياب الموارد.

لكن هذا الإنجاز، الذي بُني رغم الحصار، لم ينجُ من الحرب!

فمع عودة القصف توقفت اتفاقيات التبادل، جُمّدت الشراكات، أُغلقت المعابر، وانقطعت شبكة الإنترنت التي كانت تمثل الشريان الوحيد للطالب الفلسطيني في التواصل مع المعرفة خارج الحصار ورغم ذلك، لا يزال العديد من الطلبة يحاولون الاستمرار في التعليم الإلكتروني، لكنهم يفعلون ذلك من داخل خيام النزوح، ومن وسط مناطق منكوبة، وبأدوات منهارة، واتصال مشوّش، وغياب كامل لأي ضمان.

ما لم يُقصف بصاروخ… أُعدم بالانقطاع، وما بُني على مدى عقدٍ من العزيمة… سقط في أيامٍ من الحرب.

ومع ذلك، كانت كل تلك الإنجازات تُبنى على حافة الانهيار:

  • البنية التحتية متهالكة.
  • الاكتظاظ خانق (50-60 طالبًا في بعض الفصول).
  • انقطاع الكهرباء بشكل يومي يُربك العملية التعليمية.
  • نقص شديد في المواد الأساسية: كتب، ورق، أجهزة حاسوب، أدوات مخبرية.
  • وغياب أي ضمان للسلامة النفسية، وسط أجواء الخوف والترقب الدائم.

ورغم كل هذه التحديات، كانت غزة تدرس وكان الطلاب يحفظون القصائد، ويجرّبون التجارب، ويتعلّمون أسماء عواصم العالم حتى لو لم يكن مسموحًا لهم بمغادرة معبر واحد منه.

“نحن لا نطلب المستحيل، فقط نريد أن نحفظ جدول الضرب دون انقطاع الإنذار الجوي.”

بعد الحرب: اغتيال المعرفة وسحق الفصول!

عقب السابع من أكتوبر، لم تعد المدارس في غزة مجرد أهداف مدنيّة عُرضة للخطر، بل تحوّلت إلى نقاط استهداف مباشر، يُتعامل معها بوصفها “مواقع مهددة” لمجرد أنها ما زالت قائمة.

الأرقام ليست أرقامًا… بل لائحة اتهام معلنة

بحسب تقارير وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، ووكالة الأونروا، ومنظمات أممية محايدة:

  • أكثر من 340 مدرسة تعرضت للدمار الكلي أو الجزئي حتى منتصف 2024.
  • حوالي 90 % من المدارس غير صالحة للتعليم حاليًا.
  • آلاف الأطفال فقدوا حياتهم وهم يرتدون زيّهم المدرسي.
  • مدارس تحوّلت إلى ملاجئ للنازحين، ثم إلى أهداف نُسفت بمن فيها.
  • مئات المعلمين بين شهيد ومصاب، وآخرون توقفوا عن التدريس بعد فقدان أسرهم أو مدارسهم.

في كل حرب حديثة، هناك هامش خطأ، إلا في غزة، الخطأ يتحول إلى سياسة متكررة.

الاستهداف لم يكن عارضًا بل ممنهجًا

الضربات التي استهدفت المدارس لم تكن وليدة ظروف ميدانية لحظية، بل حملت نمطًا متكررًا في الزمان والمكان والأسلوب:

  • قصف مدارس خلال ساعات النهار، أثناء تواجد النازحين بداخلها.
  • استهداف منشآت تعليمية تابعة للأمم المتحدة رغم التنسيق المسبق.
  • تجاهل تام للعلامات الظاهرة على المباني المدنية (شعار الأونروا، الهلال الأحمر، الأعلام البيضاء).

“في غزة، لا أحد يخرج من المدرسة بعلامة كاملة ، الجميع إمّا ناقص حاضر، أو ناقص عمر.”

أثر الضربة: ما بعد الركام!

النتائج تتجاوز حدود البنية التحتية:

  • أكثر من نصف مليون طالب خارج العملية التعليمية.
  • تدمير آلاف الحقائب والكتب والمواد التعليمية.
  • حالات صدمة نفسية حادة بين الأطفال الناجين
  • تجلّت في فقدان النطق، التبول اللاإرادي، ونوبات الذعر الليلي.
  • شلل شبه كامل في التعليم الجامعي، والمهني، والخاص.

إنها ليست كارثة تربوية، بل عملية اغتيال شاملة للمعرفة، هدمٌ بطيء لما تبقى من ذاكرة جماعية، واغتيال لأبسط صور الحلم.

جريمة مكتملة الأركان: عندما يصبح القصف سياسة ضد المستقبل!

لم يعد من الممكن، أخلاقيًا أو قانونيًا، وصف ما حدث لقطاع التعليم في غزة بأنه “خسائر عرضية” أو “أضرار جانبية”.، فالحقائق الميدانية، وتكرار النمط، وتوسّع دائرة الاستهداف، تكشف عن نيةٍ متعمدة، وسلوك منهجي يرتقي إلى مستوى الجريمة الدولية.

مرجعية القانون الدولي واضحة والانتهاك صارخ:

بموجب اتفاقية جنيف الرابعة (1949)، والبروتوكول الإضافي الأول (1977)، تُعتبر المنشآت التعليمية جزءًا من المرافق المدنية المحمية التي يُمنع استهدافها أو استخدامها كمواقع عسكرية.

وتنص المادة (52) من البروتوكول المذكور على أن: ” الأعيان المدنية لا تكون هدفًا للهجوم، إلا إذا تحولت إلى أهداف عسكرية فعليًا.”

لكن في غزة، المدارس لم تُستخدم لأغراض عسكرية، بل على العكس:
1. كانت مراكز إيواء تحت إشراف الأمم المتحدة.

2. بعضها تم التنسيق بشأنه مسبقًا مع الأطراف الدولية.
3. الغالبية تم قصفها دون أي تحذير، خلال أوقات الذروة البشرية.

النية متوفرة والجريمة واضحة…

إن تكرار استهداف المدارس وخاصة تلك التي كانت تؤوي نازحين يؤكد أن الأمر ليس مجرد خطأ فردي، بل سلوك متعمد، وممنهج، ومدروس.

وهذا يفتح الباب أمام تكييف قانوني صريح لما جرى بأنه:

  • جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (المادة 8)
  • انتهاك جسيم لاتفاقية جنيف الرابعة
  • تعدٍّ صريح على الحق في التعليم كحق أساسي ضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادة 26) والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (المادة 13)

“إن تدمير مدرسة لا يُسقط فقط جدرانها، بل يسقط معها ركنًا من أركان القانون الإنساني الدولي ذاته.”

الحرب وصراع التعلم

الحرب وصراع التعلم

المجتمع الدولي… بين التواطؤ والصمت!

رغم وضوح الجريمة، جاء الرد الدولي باهتًا، رماديًا، متردّدًا.

  • لم تُفتح لجان تحقيق مستقلة وفعّالة.
  • لم تُفعّل اختصاصات المحكمة الجنائية الدولية رغم توفر الأركان.
  • صمت مؤسسات التعليم العالمية إلا من بيانات خجولة شكّل غطاءً إضافيًا للإفلات من العقاب.

وحين يصبح القانون بلا أسنان، تُرتكب الجريمة مرتين: مرة بالقصف ومرة بعدم المحاسبة.

ما الذي يعنيه اغتيال التعليم؟ المستقبل في مرمى النار!

إن تدمير التعليم لا يعني فقط توقف الدروس، ولا يعني فقط انهيار عام دراسي، بل يعني ضرب البنية المعرفية لشعبٍ بأكمله، وسحق أداته الوحيدة في إعادة بناء ذاته.

  • عندما يُحرَق الكتاب، يُسحق معه الوعي الجمعي.
  • وعندما يُقتل الطالب، يُقتل مشروع الإنسان، لا الفرد فقط.
  • وعندما تُنسف المدرسة، لا تسقط معها الجدران بل تسقط شرعية العالم الذي سمح بذلك.

“في غزة، لا يُدفن الطفل فقط، بل يُدفن معه سؤال: من كان سيصبح؟ وماذا كان سيخترع؟ وأي وطن كان سيبنيه؟”

جيل بلا تعليم يعني جيل بلا أدوات حياة!

  • ما يعيشه أطفال غزة اليوم ليس تأخرًا دراسيًا، بل نفيًا قسريًا عن الوجود التعليمي.
  • إنه جيل مُهدَّد بأن ينشأ بلا مؤسسات، بلا شهادات، بلا لغات، بلا أفق.
  • وهذا لا يولّد فقط كارثة إنسانية بل يصنع أرضًا خصبة للفراغ، والانكسار، والانفجار القادم.

التعليم ليس ترفًا بعد الحرب بل أولوية وجودية…

إعادة بناء المدارس لا تعني بناء جدران، بل ترميم البوصلة، وترميم الذاكرة، وإعادة تعريف الفلسطيني لا كلاجئ، ولا كهدف عسكري، بل كـ “طالب”، ومعلم”، و”مواطن” في عالمٍ لم يعترف به بعد.

من المسؤول؟ ومن يحاسب؟

إن المسؤولية لا تقتصر على من ضغط الزناد، بل تمتد إلى:

  • كل من برّر.
  • كل من صمت.
  • كل من أعاد صياغة الجريمة لتبدو كإجراء مشروع.
  • كل من ساوى بين المدرّس والمسلّح، بين الصفّ والمعركة، بين الحقيبة والعبوة.

الخاتمة: الكلمة الأخيرة ليست للقصف

في غزة، قد تُهدم المدرسة، لكن لا يُهدم المعنى، قد يُقتل الطالب، لكن لا يُقتل الحقّ في الحلم.
وفي مواجهة جريمة بهذا الحجم، لا يكفي الرثاء بل يجب أن يتحول التعليم نفسه إلى قضية مقاومة، وإعادة البناء إلى فعل عدالة، وأن تُرفع أقلام الأطفال لا فقط في الصفوف، بل في وجه العالم الصامت.

“فمن يكتب اليوم عن مدارس غزة، يكتب عن مستقبل لا يقبل أن يُقصف، ولا أن يُنسى، ولا أن يُعاد تعريفه من خارج الذاكرة.”

نزع سلاح المقاومة في غزة: بين إنهاء الحرب وضمان حماية الشعب الفلسطيني!
المرأة الفلسطينينة قصة نضال وانتصار!

  • قيمة الإنسان في زمن الحرب: بين الأخلاق والوجودية!

    قيمة الإنسان في زمن الحرب: بين الأخلاق والوجودية!

    بقلم: أ. احمد خالد الجرف محامي، ماجستير قانون عام   في أتون الحرب، تنقلب الموازين، لا بفعل السلاح وحده، بل بفعل... قيمة الإنسان في زمن الحرب: بين الأخلاق والوجودية! اقرأ المزيد
  • السلاح الفلسطيني في لبنان: موقفٌ وطنيّ لا عقدةَ امتلاك!

    السلاح الفلسطيني في لبنان: موقفٌ وطنيّ لا عقدةَ امتلاك!

    بقلم: أ. أحمد الرفاعي ليس السلاح في يد الفلسطيني في لبنان عقيدة، ولا خيارًا أبديًا، بل هو نتاج ظروف قاهرة، وخيارات... السلاح الفلسطيني في لبنان: موقفٌ وطنيّ لا عقدةَ امتلاك! اقرأ المزيد
  • ظاهرة الفلتان الأمني في قطاع غزة “السلاح غير المشروع وظاهرة التهديد خلال العدوان”.

    ظاهرة الفلتان الأمني في قطاع غزة “السلاح غير المشروع وظاهرة التهديد خلال العدوان”.

    بقلم: أ. أحمد بسام ابو دقة محامي، وناشط قانوني   يتعرض قطاع غزة لعدوان عسكري إسرائيلي متكرر، يُخلِّف دمارًا واسعًا... ظاهرة الفلتان الأمني في قطاع غزة “السلاح غير المشروع وظاهرة التهديد خلال العدوان”. اقرأ المزيد

اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عن القلم الفلسطيني

بالقلم الفلسطيني... نافذتك لفهم القضايا الاستراتيجية بعين فلسطينية، حيث نرسم الواقع ونكتب المستقبل
  • الرئيسية

  • المقالات

  • الأبحاث

  • القصص

  • الأنشطة والفعاليات

  • تواصل معنا

  • Twitter
  • Facebook
  • Instagram
  • YouTube
  • Telegram Broadcast
  • WhatsApp
  • RSS
By Wael Aldaghma