بقلم: أ. أحمد بسام ابو دقة
محامي، وناشط قانوني
يتعرض قطاع غزة لعدوان عسكري إسرائيلي متكرر، يُخلِّف دمارًا واسعًا وخسائر بشرية ومادية جسيمة. وفي خصم هذه الأزمات، تبرز ظاهرة الفلتان الأمني ووجود السلاح غير المشروع في أيدي بعض العائلات، ما يزيد من معاناة المدنيين. إذ لا يقتصر الخطر على العدوان الخارجي، بل يمتد داخليًا عبر مظاهر التهديد والترويع والابتزاز التي ترافق الفوضى الأمنية. هذه الورقة تبحث في أبعاد هذه الظاهرة في سياق العدوان، وتحلل أسبابها وآثارها، وتقترح حلولًا للتخفيف من وطأتها.
مشكلة الدراسة:
تتمثل المشكلة في تفاقم ظاهرة الفلتان الأمني خلال العدوان الإسرائيلي، حيث تستغل بعض العائلات أو الجماعات الانشغال بالحرب لتقوية نفوذها عبر السلاح غير المشروع، وفرض التهديدات على المواطنين. وهذا يُضاعف المخاطر على المدنيين ويقوض فرص التلاحم الاجتماعي اللازم لمواجهة العدوان.
أهمية الدراسة:
تنبع أهمية هذه الدراسة من دورها في تسليط الضوء على ظاهرة تهدد أمن وسلامة المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة ، لا سيما خلال فترة العدوان، حين يصبح التماسك الداخلي ضرورة قصوى للصمود والبقاء.
أهداف الدراسة:
1- دراسة أسباب الفلتان الأمني وانتشار السلاح غير المشروع في سياق العدوان.
2-تحليل مظاهر التهديد التي تطال المواطنين في ظل هذه الظروف.
3-تقديم حلول ومقترحات للحد من الظاهرة وتعزيز صمود المجتمع.
أسباب الظاهرة خلال العدوان:
-انشغال الأجهزة الأمنية بالتصدي للعدوان:
ينشغل الأمن بمواجهة الغارات الإسرائيلية وإنقاذ المدنيين، ما يُضعف دوره في ضبط السلاح الداخلي.
-تراجع سلطة القانون بفعل الظروف الطارئة:
في ظل الحرب، تضعف قدرة مؤسسات إنفاذ القانون، فتظهر فجوات يستغلها البعض لفرض سيطرتهم.
-استغلال الأزمات:
بعض العائلات أو الأفراد تستغل الانشغال العام بالحرب لتنفيذ تهديدات أو تصفية حسابات داخلية.
– الخوف والفوضى:
يزيد الخوف والارتباك المجتمعي من تفشي هذه الممارسات، حيث يخشى الأفراد الاعتراض خوفًا من تهديدات مسلحة.
مظاهر التهديد والفلتان الأمني خلال العدوان
التهديد والابتزاز:
تستخدم بعض العائلات السلاح غير المشروع لابتزاز التجار أو السيطرة على موارد الإغاثة.
فض نزاعات بالقوة:
خلال الفوضى، يلجأ البعض لحل الخلافات بالقوة المسلحة دون رادع.
ترويع المدنيين:
يلجأ بعض المسلحين لفرض السيطرة على أحياء أو ممتلكات بالقوة، ما يضاعف معاناة السكان.
إعاقة جهود الإغاثة:
في بعض الحالات، يتم تهديد طواقم الإغاثة أو السيطرة على المساعدات لصالح جماعات محددة.
الآثار المترتبة:
مضاعفة معاناة المدنيين:
إضافةً إلى العدوان الخارجي، يواجه المواطن تهديدات داخلية بالسلاح، ما يفاقم أزمته.
إضعاف التلاحم الاجتماعي:
تحوّل ظاهرة التهديد الداخلي دون وحدة الصف، وهي ضرورية لمواجهة العدوان.
تقويض الثقة بالأجهزة الأمنية:
يشعر المواطنون أن الأجهزة الأمنية غير قادرة على حمايتهم، ما يزيد من الإحباط وفقدان الثقة.
تقييد حرية التعبير:
الخوف من السلاح يحدّ من حرية الصحفيين والنشطاء في نقل الحقائق خلال العدوان.
التوصيات:
– تعزيز دور الأجهزة الأمنية وفرض السلطة الفلسطينية على قطاع غزة :
ضرورة تأمين الجبهة الداخلية أثناء العدوان، وعدم ترك المجال للعائلات المتسلحة لفرض سطوتها.
التعاون مع القوى المجتمعية (المخاتير، الوجهاء) لضبط الأمن داخليًا.
_ حملات توعية مجتمعية:
التأكيد على نبذ العنف وحصر السلاح بيد المقاومة الشرعية الموجهة ضد الاحتلال فقط.
نشر ثقافة حل النزاعات بالحوار بدل السلاح.
_ رصد الانتهاكات وتوثيقها:
تشجيع منظمات حقوق الإنسان على توثيق حالات التهديد والابتزاز، وفضحها إعلاميًا.
تعزيز آليات المساءلة بعد انتهاء العدوان.
_ تحسين ظروف المعيشة:
تعزيز برامج الدعم الاجتماعي والاقتصادي لتقليل اعتماد بعض الأفراد على السلاح غير المشروع كوسيلة للنفوذ.
تبرز ظاهرة الفلتان الأمني والسلاح غير المشروع خلال العدوان الإسرائيلي على غزة كخطر مضاعف على المدنيين، فهي تُضاف إلى آلة الحرب الخارجية، وتخلق تهديدًا داخليًا يعمق معاناة الشعب الفلسطيني. إن التصدي لهذه الظاهرة يتطلب تكاتفًا بين الأجهزة الأمنية والمجتمع المدني، وتعزيز ثقافة احترام القانون والتماسك الوطني في وجه الاحتلال .
لذلك بسط السلطة الفلسطينية على قطاع غزة يحمل أهمية كبيرة من جوانب سياسية، أمنية، اقتصادية وإنسانية. إليك ملخصًا لأبرز هذه الأهمية:
1- سياسيًا:
إعادة الشرعية والوحدة الوطنية: سيعزز بسط السلطة الشرعية في غزة وحدة النظام السياسي الفلسطيني، وينهي الانقسام بين الضفة وغزة.
تقوية الموقف التفاوضي الفلسطيني: وجود حكومة موحدة وقوية يمثل الفلسطينيين جميعًا سيقوي موقفهم في أي عملية سلام مستقبلية.
تعزيز الاعتراف الدولي: توحيد الحكم تحت سلطة شرعية يساعد على كسب دعم المجتمع الدولي.
2- أمنيًا:
فرض النظام والقانون: يمكن للسلطة الشرعية ضبط الأمن الداخلي، وإنهاء حالة الفوضى التي يعاني منها القطاع.
مواجهة التهديدات الإرهابية: سيعزز من قدرة السلطة على منع الممارسات المسلحة غير القانونية، بما يخدم الاستقرار الإقليمي.
3- اقتصاديًا:
تنمية اقتصادية أفضل: توحيد الإدارة والموارد سيحفز إعادة الإعمار والاستثمار في البنية التحتية.
تحسين الظروف المعيشية: بسط السلطة الفلسطينية سيخفف من معاناة السكان، من خلال تقديم الخدمات الأساسية بشكل أفضل.
4- إنسانيًا واجتماعيًا:
تحسين حياة الناس: إنهاء الانقسام سيتيح تحسين الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية.
تحقيق المصالحة الوطنية: سيشعر المواطنون بمزيد من الأمان والانتماء للوطن الواحد، بدلًا من الانقسام.
خلاصة:
بسط السلطة الفلسطينية على قطاع غزة خطوة أساسية لوضع حد للانقسام الفلسطيني وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة ذات سيادة، بالإضافة إلى تحسين الوضع.