بقلم: احمد خالد احمد العايدي
محامِ وعضو لجنة الشباب الاستشارية فلسطين.
منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، أصبح الشباب الفلسطيني هدفًا مباشراً لآلة الحرب الإسرائيلية، في ظل صمت عالمي يعكس ازدواجية المعايير التي تحكم النظام الدولي.
لم تقتصر الجرائم على القتل والاعتقالات العشوائية، بل امتدت لتشمل التجويع الممنهج، التهجير القسري، والتدمير الشامل للبنية التحتية، وهو ما يشكل انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف ومواثيق حقوق الإنسان.
لكن، هل يُعد هذا المشهد نتيجة حتمية لصارع طويل الأمد، أم أن هناك أجندات سياسية ومصالح دولية تدعم استمرار هذه الجرائم؟ ولماذا تفشل المؤسسات القانونية الدولية في محاسبة إسرائيل، رغم التوثيق الواضح لهذه الانتهاكات؟
أولاً: سياسة الإعتقال والقمع – تحويل الشباب الفلسطيني إلى أهداف مشروعة؟ أرقام وإحصائيات:
• 11700 معتقل فلسطيني في الضفة الغربية منذ 7 أكتوبر 2023، بينهم مئات الأطفال والشباب، وفقًا للمنظمة العربية لحقوق الإنسان.
• مئات المعتقلين في غزة، حيث تقوم القوات الإسرائيلية باقتياد الناجين من القصف إلى أماكن احتجاز سرية دون أي إجراءات قانونية واضحة.
• شهادات عن التعذيب الوحشي داخل مراكز الاحتجاز، حيث يتم تقييد المعتقلين لساعات طويلة، حرمانهم من الطعام، وإجبارهم على البقاء في أوضاع مؤلمة.
انتهاك قانوني:
• المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية :تحظر الاعتقال التعسفي، وهو ماتنتهكه إسرائيل يوميًا.
• اتفاقية مناهضة التعذيب :تمنع استخدام التعذيب تحت أي ظرف، لكن التقارير الحقوقية توثق تعذيبًا منهجياً ضد المعتقلين الفلسطينيين.
تحليل نقدي:
لماذا تستهدف إسرائيل الشباب تحديداً ؟
• الشباب الفلسطيني هو القوة المحركة لأي نضال سياسي أو مقاومة مستقبلية، لذلك تسعى إسرائيل إلى تصفيتهم مبكراً عبر الاعتقالات والقتل المباشر.
• محاولة خلق جيل فلسطيني مشوه نفسيًا واجتماعياً من خلال التعذيب والترهيب، مما يؤدي إلى إضعاف البنية المجتمعية الفلسطينية على المدى البعيد.

اعتقالات الإحتلال في فلسطين
ثانيًا: سياسة القتل والاستهداف المباشر – تنفيذ الإعدامات خارج نطاق القانون أرقام وإحصائيات:
• 11825 طالباً فلسطينياً استشهدوا، بينهم 681 طالبًا جامعيًا.
• استهداف الصحفيين والمسعفين والمدنيين العزل، مما يشير إلى محاولة طمس الحقيقة ومنع توثيق الجارئم.
انتهاك قانوني:
• المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية :تحمي الحق في الحياة، وهو ما تنتهكه إس ارئيل عبر إعدامات ميدانية دون محاكمات.
• المادة 147 من اتفاقية جنيف الاربعة :تحظر القتل العمد للمدنيين، لكن إسرائيل تتعامل مع غزة كمنطقة خارج نطاق القانون الدولي.
تحليل نقدي:
• سياسة “القضاء على الجيل القادم “ليست مجرد أفعال فردية، بل إستراتيجية ممنهجة لضمان بقاء غزة ضعيفة لسنوات قادمة.
• غياب أي ضغط دولي حقيقي يرسل رسالة واضحة :إسرائيل تستطيع ارتكاب جارئم حرب دون أي عواقب قانونية.
ثالثا: الحصار والتجويع – تحويل غزة إلى سجن مغلق أرقام وإحصائيات:
• 1.9مليون فلسطيني نزحوا داخليا نتيجة القصف المستمر.
• أكثر من 80% من البنية التحتية دمرت بالكامل، مما جعل الحياة مستحيلة في أجزاء واسعة من القطاع.
• أزمة إنسانية غير مسبوقة :نقص حاد في الغذاء والدواء، مع انتشار المجاعة في شمال القطاع، حيث يموت الأطفال بسبب سوء التغذية.

قتل كل يوم في فلسطين
انتهاك قانوني:
• المادة 33 من اتفاقية جنيف الاربعة :تحظر العقاب الجماعي، لكن إسرائيل تستخدم التجويع كأداة للحرب في انتهاك صارخ لهذه المادة.
• القانون الدولي الإنساني يمنع استهداف المدنيين، لكن القصف العشوائي والإغلاق التام للمعابر حول غزة إلى منطقة منكوبة.
تحليل نقدي:
• لماذا لا يتحرك العالم؟
– النظام الدولي يعتمد على ميازن القوى وليس العدالة، ما دامت إسرائيل تتمتع بدعم غربي مطلق، فإن محاسبتها تظل مستحيلة.
– هناك تواطؤ سياسي واضح، حيث تبرر بعض الدول الغربية هذه الجرائم تحت ذريعة “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، متجاهلة تمامًا أن ما يحدث هو إبادة جماعية موثقة.
رابعاً : تدمير البنية التحتية – محاولة لإلغاء غزة من الخريطة أرقام وإحصائيات:
• أكثر من 100,000 مبنى دُمر بالكامل، بما في ذلك مستشفيات ومدارس وجامعات.
• انهيار كامل للخدمات الصحية، مما جعل إصابات الحرب بلا علاج، والولادات تتم في ظروف غير إنسانية.
انتهاك قانوني:
• المادة 53 من اتفاقية جنيف الاربعة تمنع التدمير العشوائي للبنية التحتية، إلا أن إس ارئيل تمارس هذا التدمير كسياسة ممنهجة.
• القانون الدولي يعتبر التهجير القسري جريمة ضد الإنسانية، ومع ذلك لم يتم اتخاذ أي خطوة حقيقية لمحاسبة المسؤولين الإسرائيليين.
تحليل نقدي:
• هل الهدف هو القضاء على غزة كيان قابل للحياة؟
– بالنظر إلى حجم التدمير، يبدو أن الهدف ليس فقط إضعاف غزة، بل جعلها غير صالحة للحياة نهائيًا.
– حتى لو انتهت الحرب اليوم، فإن إعادة إعمار غزة قد تستغرق عقوداً، مما يجعل الفلسطينيين رهائن دمار ممنهج.
خاتمة: إلى متى سيستمر الإفلات من العقاب؟
رغم الأدلة القاطعة على الانتهاكات الإسرائيلية، لا توجد أي محاسبة فعلية، لأن القانون الدولي أصبح أداة سياسية يستخدمها الأقوياء لمعاقبة الضعفاء، وليس لتحقيق العدالة.
لكن، هل يعني ذلك أن إسرائيل ستفلت إلى الأبد؟
التاريخ أثبت أن الاحتلال لا يدوم، مهما كانت قوته العسكرية .وما دامت هناك إرادة فلسطينية صلبة، فإن هذا الجيل من الشباب –رغم كل المآسي– سيبقى رمزاً للمقاومة والصمود.