بقلم: أ. فريد حجازي القصاص
محام، وباحث قانوني
لنفرض أن كل الناس يعتقدون أن الحقيقة لا يمكن معرفتها؛ إنهم سيصبحون عندئذ لا حول لهم ولا قوة إزاء الحروب والكوارث وعليهم أن يتقبلوا ذلك بقضاء وقدر!
وفي ظل ما نعيشه اليوم في عالم أشبه بغابة ملأى بالوحوش ويبدو أن قانون الغاب هو الذي يتحكم في العلاقات الدولية “عيش لتأكل وتؤكل”، فإن هذا ما يجعل للمعرفة من أجل الوصول إلى الحقيقة الدور الأساسي في درء هذا الخطر.
نحن نعيش في واقع يصنعه شخصيات مأسورة في أيديولوجيا خاطئة، فقد أرجعونا إلى حقبة تاريخية غابرة تماثل ما كان عليه تاريخ الأديان القديمة والذي ضم أمثلة لا حصر لها لما تخبئه قوى الآلهة بالنسبة للإنسان سواء كان ذلك موافقاً لرجائه أو مخالفاً له، فالفاعلين المباشرين فيما يتعلق بحرب ابادتنا منذ اندلاعها بعيدين كل البعد عما يمكن طرحه فيما يتعلق بشؤون السياسة و الدولة العملية والواقعية وهو ما أسفر عنه من مغامرات عسكرية غير محسوبة.
لقد كان في القدم كهانة رجال الدين مصدر النبوءات التي تستهدف حل مشاكل الإنسان.
ولكننا اليوم وأمام هذا الواقع لم نرتق إلى مستوى أن يمتلك صانع القرار حتى ما هو أقل من ذلك.
وليس إلا خطاباً واحداً ما يتقنونه، وهو أن يستعينوا بسطوة النص القرآني أو النبوي ليمتصوا غضب الناس وحنقهم، و ليس في ذلك إنكار مني لجدوى ذلك فيما لو كان في نطاقه السليم وموضعه الملائم.
الخلاصة:
إن ما أود إيصاله أنه من السئ والمسئ تقديم هذه الأحداث للمواطنين المسحوقين من جهة دينية بحتة، و إن في تباين آراء رجال الدين حول الأحداث خير دليل ، فبسم الله شرعنة الرؤى و المسلكيات، وبسم الله تجابه وتنتقد هذه الرؤى ، والسؤال الذي سيطرحه المواطن المقتول، الله في أي جانب من هاته الاجتهادات؟!
إن لما أسلط الضوء عليه عواقب وخيمة على كافة المستويات خاصة على المستوى الديني الذي منه تنطلق هذه الخطابات، و لقد وجدت نفسي أكتب في هذه المسألة الشائكة مدفوعاً بشئ من الغيرة والخوف على النظرية من السوء والخلط في التطبيق.
المطلوب:
★ أدعو من يتحكم في مصير أبناء شعبنا، أن يعمل على وضع حد كلما كان ذلك ممكناً لهذه العذابات وأن يرتقي إلى مستوى تضحية هذا الشعب وجراحاته وعذاباته، وأن يتحلى بالمسؤولية المطلوبة والمستحقة أمامها.
★ أدعو ألسنة المفاوض ومن يوافقه منطقه من جهة دينية إلى التخلي عن المضامين ذات السطوة الدينية عند عن مخاطبة البسطاء أو بالحد الأدنى عقلنة سردها ، فذلك أقرب إلى ألا ينفر الناس مما يؤبى معه النفور ، فيبوء المخاطِبُ بإثمين، إثم جهالته وإثم كفران العباد الذين سيجدون (وفق رواية المخاطِب) في هذه العذابات تدبيراً خالصاً من الإله الذي يحبون، وفي ذلك مدعاة لاستبعاد فرضيات الخطأ البشري الذي يجب أن يخضع للنقد والتقويم الدائم.
★إن أبسط المبادئ المستقرة شرعاً أن الله قد نص في كتابه على أسس كلية ومبادئ عامة للحكم مثل العدل والشورى، وترك التفصيلات لاجتهادات البشر وفي ذلك حكمة تؤكد ما أسعى إلى إيصاله من ضرورة عدم إضفاء القدسية والثبات على الاجتهادات البشرية التفصيلية وإقامتها مقام النص القرآني.
★ إن إرادة الله تكون حيث تكون إرادة عباده في حدود ما أمر، وعليه فإنها خطيئة كبرى أن لا يتم الإنصات إلى إرادة شعبنا، ويا لغيرتي حين أسمع المحللين يقومون باستعراض استطلاعات الرأي الاسرائيلية بالنسب المئوية حول القضايا المختلفة ، بينما لا أجد تطبيقاً مشابهاً عند أبناء شعبنا، من السهل استجلاء إرادة الاسرائيلي ولكن لا أحد يمكنه أن يقول إن شعب فلسطين يريد كذا وبنسبة كذا.
★ وأخيراً إلى شعبي البطل الصابر، الله معك ولن يقدر أحد على احتكار صوت الله الموجود في ضميرك وإحساسك، وإن اليوم الذي ستعبر فيه عن إرادتك وتنفذها قريب طالما ظلت شعلة الأمل في صدرك متقدة، ولمن يقول أين الله فإن الله في إرادة الشعب، كيف لا و سبحانه الوكيل، فلتُكسر الأصفاد عن إرادة شعبنا حينها ستتجلى إرادة الله.
ccav9h